المنزل 16 الزهد
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى الله على محمد واله الطاهرين اللهم صل على محمد وال محمد
اللهم وفقنا ووفق المشتغلين بالعلم والعمل الصالح لقد بنينا على ان نذكر في كل يوم احد من الأسبوع بابا من ابواب منازل السائرين للشيخ الانصاري وقد ذكرنا في ما سبق خمسة عشر من ابواب هذا الكتاب واليوم نذكر الباب السادس عشر وهو باب الزهد
قال المؤلف قال الله تعالى (بقية الله خير لكم) هذه الاية الكريمة يستشهد بها المؤلف لعنوان هذا الباب وهو عنوان الزهد أولا ان هذه الاية في سورة هود اية 86 و لهذه الآية تتمة قال الله سبحانه بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين المفسرون يذكرون هذه الآية ضمن آيات اخرى وردت بشان مولانا الإمام المهدي عج كما ورد في التسليمات السلام عليك يا بقية الله في الارضين ولكن الشيخ الأنصاري عندما يذكر هذه الآية في مقدمة هذا الباب قصده ان يجعل هذه الآية مناسبا لهذا الباب فما هي المناسبة بين هذه الاية وعنوان الزهد نذكر حديثا يقول ما عندكم طبعا هذا ليس بحديث بل آية قرآنية في سورة النحل آية 96 قال الله سبحانه ماعندكم ينفد وما عند الله باق فالمؤلف عندما يذكر هذه الآية يقصد به الدار الباقية او الذي يبقى عند الله ولا ينفد طبعا دار الدنيا هي دار فانية و زائلة دار الآخرة دار باقية والزهد يتناسب مع البقاء و الانقطاع عن الدنيا وما فيها بان يزهد الإنسان عن الدنيا وعن تعلقاتها اذا اذا شرحنا الآية بهذا المعنى بأنه الإنسان يتوجه إلى الله الباقي ويترك غير الله فهذا أمر خير ينفعه لان الإنسان خلق للآخرة ولم يخلق للدنيا خلق لله ولم يخلق لنفسه هذا بالنسبة لمفهوم الآية الكريمة واما تعريف الزهد فان الشيخ يقول الزهد اسقاط الرغبة عن الشيء بالكلية الزهد هو ان يسقط الانسان رغبته كليا عن الاشياء عن ما سوى الله اذا فالزهد الحقيقي هو ترك الرغبة عن غير الله سبحانه وقال علي عليه السلام الزهد كله بين كلمتين من القران قال الله سبحانه( لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم )ثم قال ع ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالاتي فقد اخذ الزهد بطرفيه اذا بموجب هذا الحديث ان الانسان اذا اراد ان يزهد ويأتي بمفهوم الزهد حقيقة فهو ان لا يتاسف على ما مضى نعم ولا يفرح بما في يديه بل يكون فرحه بما هو عند الله سبحانه ثم يقول الشيخ وهو للعامة قربة وللمريد ضرورة وللخاصة خسة الشيخ يقسم الزهد الى مراتب ثلاثة المرتبة الاولى مرتبة عامة يعني عامة الناس انما يقصدون بالزهد القربة الى الله سبحانه وتعالى ولكن المريدون هؤلاء تختلف نيتهم بالنسبة للزهد هم يعتبرون الزهد ضرورة في حياتهم اذا السلك المريد الذي في قلبه يملك عشق الله ومحبته وإرادته فهو يرى الزهد ضرورة لايرغب في غير محبوبه وغير معشوق هواما الخاصة فهم عندهم الزهد أمر خسيسا خسة اي دنائة اي لايتوجهون الى الزهد ومراتبه يعني هم قد خرجوا من هذا المنزل وتعلقوا بالله سبحانه فلا يرون لانفسهم زهدا بل هم خرجوا عن هذه المنازل وسنشرح في كل مرتبة من هذه المراتب ما ذكره الشيخ يقول الدرجة الاولى الزهد في الشبهة بعد ترك الحرام بالحذر من المعتبة والأنفة من المنقصة وكراهة مشاركة الفساق الدرجة الاولى من مراتب الزهد درجة العامة العامة هؤلاء يتركون الشبهات والمشتبهات في بين الحلال والحرام اما اصل ترك الحرام واتيان الواجب فهو قبل الورود في منازل السير والسلوك هذا هو الخطوة الاولى لكل من يريد ان يدخل في منازل السير والسلوك ولهذا الشيخ يذكرالشبهة ولم يذكر موضوع الحرام و يعتبر الشبهة بعد ترك الحرام لان ترك المعصية هو القدم الأول لأي سالك يريد ان يسلك طريق الوصول الى الله سبحانه والشبهة قد تكون قطعية وقد تكون بدئية يعني قد يلتبس الامر بين حرام وحلال مثلا افرض كاس ماء جاء به احد ولكن الكاس كاسان والأمر مشبها من ان يكون احدهما نجسا والماء النجس لا يشربه المكلف الشرعي اذا قد تردد الأمر في ان يكون احد هؤلاء الكاسين احدهما نجسا وهنا يقولون الفقهاء هذا مورد العلم الاجمالى اذا العلم الاجمالى يتبع العلم التفصيلي ولابد من حذف الاثنين لا يشرب كلاهما حتى يعمل بعلمه الاجمالي فهذا المشتبه طبعا تركه ايضا من الواجب مثل ترك الحرام ولكن المقصود هنا بالشبهة يعني الأمور المشتبه فيها من جهة من الجهات يشتبه الإنسان ويتردد في ان يكون هذا الامر هو حلال او حرام نذكر حديثا من كتاب بحار الانوار المجلد 42 الصفحة 276 قال علي ع واعلم ان الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب اذا السالك في طريق الله يترك ما يوجب العتاب من الشبهات و لهذا الشيخ يقول كيف يترك بالحذر من المعتبة والانفة من المنقصة وكراهة مشاركة الفساق يعني ايها السالك اذا اردت ان تترك الأمور الملتبسة والمشتبهة من مائعات من ماكولات من ملبوسات من اي شيء مشتبه فلابد لك من امور ثلاثة الامرالاول هو الحذر من ما يوجب العتاب والانسان هو بنفسه يعرف انه اي شيء يوجب العتاب طبعا اذا انت أقدمت على شيء مشتبه فهناك لابد ان يكون فيه عتاب عتاب من المولى جل وعلا اذا فلابد ان تحذر نفسك من التقرب الى ما يوجب العتاب فالحذر عامل من عوامل ترك الشبهة الثاني الانفة من المنقصة الانفة يعني الانسان يتانف و نعم يبتعد عن ما يوجب منقصة في نفسه الانسان الذكي الطاهر هذا الانسان يبتعد ويتانف من فعل اي منقصة توجب هذه المنقصة رذالة في نفسه هذا هو الأمر الثاني وأما الامرالثالث من عوامل ترك الشبهة والزهد فيها هو ان يكره كراهة مشاركة الفساق ان يكره في نفسه ان يشارك ويعاشر اهل الفسق والفجور لان معاشرتهم قد توجب ان يرد في الشبهات يعني الفاسق ليس في نفسه ورع و احتياط عن المحرمات او الشبهات فالذي يعاشر مثل هذا الانسان طبعا هوهم يكون مثله ويتقرب الى الشبهات فمن الواجب ان يكره المعاشرة يعني ان لا يعاشره هذا بالنسبة الى الدرجة الاولى من درجات الزهد واما الدرجة الثانية الزهد في الفضول وما زاد على المسكة والبلاغ من القوت باغتنام التفرغ الى عمارة الوقت وحسم الجش والتحلي بحلية الأنبياء و الصديقين نعم الفضول بمعنى ما يفضل عن قوته في السنة ما يفضل لان الانسان اذا دخل في الكسب والمعاش ربما ياخذه الطمع فقد يدخل في مكاسب متنوعة لاجل المال لاجل لان يزداد مالا وثروة اما السالك في طريق الله فهو يزهد عن فضول الدنيا و يقتصر على الكفاف المسكة هو الكفاف يعني بمقدار ما يكتفي في امر معاشه ومعاش زوجته واولاده و من يكفل امورهم اذا الزهد في الفضول لابد فيه من امور ثلاثة الامر الاول هو ان يقتصر على المسكة ويقتصر على البلاغ من القوت البلاغ يعني يبلغه قوت في معيشته قوت نفسه واهله وعياله يكتفي بهذا البلاغ وبهذا المقدار من قوته ولا نعم يصرف اوقاته وعمره في ما زاد على ذلك لانه سالك ويريد ان يشتغل بالهدف وبالغاية القصوى من الوصول الى الله وهو طبعا يقتضي ان يفعل المراقبات والمحاسبات نعم والعبادات والأذكار والاوراد والاربعينيات وما شاكل اذا فلابد ان يصرف من عمره واوقات في سبيل الوصول الى الله سبحانه فاذا اراد ان يشتغل بفضول الدنيا ويكتسب مكاسب متفرقة ومتنوعة اذا لم يبقى وقت من وقت ان يصرف في الامور العبادية والالهية ولهذا يقول المؤلف اذا اردت ان تزهد في فضول الدنيا فعليك بأمور ثلاثة الامر الاول باغتنام التفرغ الى عمارة الوقت يعني انت بهتمامك في امرا لسير والسلوك لابد من ان تعمر اوقاتك في مثل هذه الامور ولابد ان تتفرغ للعبادة والطاعة فاذا اغتنمت هذا الامر عند ذلك تزهد في فضول الدنيا واذا لم تغتنم نعم هناك تهتم بامرالدنيا والفضول ولايهمك اي شيء فالسالك يغتنم اغتنموا الفرص فانها تمر كما تمر السحاب هذا هو الامرالاول الامرالثاني حسم الجأش ما معنى الجأش الجأش هو الطمع يعني السالك يحسم ويقطع الطمع في امور الدنيا عند ذلك يمكنه ان يزهد فيما زاد على مصرف قوته وقوت من يكفله واما الامر الثالث هو التحلي بحلية الانبياء والصديقين يعني هذا السالك الزاهد عندما يزهد في اكثر من قوته فهو قد اتصف نعم وتحلى وتخلق باخلاق الانبياء لان الانبياء الصديقون هؤلاء كلهم يزهدون في امر الدنيا فلا بد من السالك ايضا ان يقتدي بهم وان يتصف بصفاتهم فاذا اهتم بهذه العوامل الثلاث اغتنم عمره وقطع طمعه وتخلق باخلاق الانبياء عند ذلك يمكنه ان ياتي بالمرتبة الثانية من مراتب الزهد وهو الزهد في الفضول وان كان حلالا الفضول هو المباح كما بينا سابقا الفضول ليس بحرام الفضول أمر مباح لكن السالك يترك المباحات لانه يهتم بهمة الانبياء والصديقين اما الدرجة الثالثة يقول الزهد في الزهد الزهد في الزهد هذه اعلى مرتبة وذلك بثلاثة اشياء باستحقار ما زهدت فيه واستواء الحالات عندك والذهاب عن شهود الاكتساب ناظرا الى وادي الحقائق اردت ان اذكر لكم حديثا اذا هذا الحديث يتناسب مع موضوعنا وهو الزهد هذا الحديث قد ورد في بحار الانوار المجلد 74 ص163 قال رسول الله لعلي ع يعني الراوي هو الإمام علي ع عن رسول الله ص انه قال اذا كان يوم القيامة لم تزل قدما عبد حتى يسال عن أربعة عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله عما اكتسبه ومن اين اكتسبه وفيما انفقه وعن حبنا اهل البيت ع هذا الحديث ايضا من احاديث الزهد يعني الانسان اذا تفكر في مستقبله واموره واهتم بهذا الامر بان عمره كيف في اي شيء هذا العمر يصرف في اي الامور هل في امر الدنيا ام في امر الاخرة وايضا عن شبابه اين يصرف هذا الشباب فيما ابلاه وايضا عن امواله كيف اكتسبه من اين اكتسبه فيما انفقه وايضا عن محبة اهل البيت ع هل كان في نفسه ولاء لاهل البيت ع وتبعية ام لا اذا التفكر في مثل هذه الامور الاربعة يوجب الزهد يوجب للانسان ان يزهد حيث ان احاديثنا في حول الزهد قرانا هذا الحديث ايضا لاهمية هذا الموضوع نرجع الى كلام الشيخ المرتبة الثالثة من مراتب الزهد هو ان تزهد فيما زهدت فيه سالفا بمعنى انك قد زهدت سابقا في الامور المشتبهة ثم زهدت ايضا في الفضول عن قوت عن القوت هذا الزهد يوجب زهدا اخر وهو ان تزهد في ما زهدت فيه بمعنى انه لاتعتبر هذه الامور في نفسك يعني انسان مثلا نمثل افرض واحد يصوم او يصلي تارة هذه الصلاة وهذا الصوم يجعل الانسان الصائم والمصلي يجعله بحيث انه لا يتوجه الى صلاة والصوم وينقطع الى الله انقطاعا كاملا وتارة لا ياتي ويعتبر هه الصلاة انه قام بصلاة وكذا وكذا فعل او بالصوم او كذا يكبر في نفسه هذه الامور هذا التكبر وان كان في الامور العبادية لكنه ايضا مما يوجب الابتعاد عن الله سبحانه وتعالى اذا اكبر العبادة في نفسه ها فهذا يكون بعيدا عن الله سبحانه لهذا في المرتبة الثالثة ياتي الدور الى ان نقول بانك لابد ان تزهد في ما زهدت فيه سابقا خوب كيف نزهد الشيخ يقول بثلاثة اشياء العامل الاول باستحقار ما زهدت فيه العامل الثاني استواء الحالات عندك العامل الثالث الذهاب عن شهود لاكتساب ناظرا الى واد الحقائق خوب ناتي في شرح وبيان هذه العوامل الثلاثة الشيخ المؤلف يقول اذا اردت ان تزهد في زهدك فلابد ان تستحقر ما فعلته سابقا من الزهد لاترى في نفسك انه بلي انك من الزاهدين و العابدين كذا وكذا بل انت عبد لله سبحانه وهذا توفيق من الله الذي وفقك اذا فتستحقر كان بعض العرفاء يستغفرون من صلاتهم يعني كان يصلي وعندما يسلم يستغفر انه هذه ليست صلاة تقرب لله سبحانه ليست صلاة الانبياء والاولياء المقربين فكانو يتوبون من عباداتهم اذا في الزهد ايضا هكذا الزاهد الزاهد الكامل هذا الزاهد يستحقر ما فعله سابقا من زهد وعدم رغبة العامل الثاني استواء الحالات عندك حالة الزهد وحالة عدم الزهد يجب ان يستوي عندك بمعنى انه لايؤثر اثرا في نفسك السالك الموحد يرى كل شيء من الله سبحانه وتعالى حتى عباداته وما يفعله من امور مقربة لله يرى توفيق من الله سبحانه ولا يرى لنفسه اي مقام و اي رفعة في نفسه عند ذلك تستوي الحالات عنده واما الامر الثالث الذهاب عن شهود الاكتساب ناظرا الى وادي الحقائق الانسان السالك كلما يتقرب الى الله سبحانه وتعالى يدخل في وادي الحقائق يتوجه الى الامور الحقيقية الى وليس الامور الظاهرية الحقيقة المطلقة الالهية في نفس الانسان وفي فطرة الانسان هذه الحقيقة وهي حقيقة التوحيد نعم هذا توجب للانسان ان لا ينظر الى ما اكتسبه من فضائل ومن مقربات لله نعم لا يرى شهودا لما اكتسبه من مراتب روحية ومعنوية ويذهب عن كل ذلك نعم الى الحقائق ويدخل في هذا الوادي يريد ان يكشف الحقيقية الفطرية التوحيدية الالهية اذا فالزاهد في المرتبة الاعلى ها يتعلق قلبه بالله سبحانه ويكون فانيا في الله سبحانه ولا ينظر الى ما فعله فيما سبق من طاعات وعبادات وفضائل وانما هو مستغرق في وادي الحقائق وصلى الله على محمد واله الطاهرين.