المنزل الحادي عشر الحزن

المنزل الحادي عشر
الحزن
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين

اللهم وفقنا ووفق المشتغلين بالعلم والعمل الصالح إخواني أحبائي أعزائي أيها المستمعون الكرام إننا في هذا اليوم سوف نشرح ونوضح الباب الحادي عشر من أبواب كتاب منازل السائرين للمرحوم عبد الله الأنصاري وهذا الباب الحادي عشر يسمى بباب الحزن أو الحزن فالحزن أيها الإخوة أمر مثبت في قلوب العارفين كما قال مولانا علي ابن أبي طالب ع حزنه في قلبه وبشره في وجهه الشيخ عبد الله يقول قال الله تعالى تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا (سورة التوبة آية 92) لماذا المؤلف يأتي بمثل هذه الآية في أول الباب قلنا سابقا ان الشيخ غرضه ان يطبق ما يقوله في اي منزل من هذه المنازل يطبقه مع المعاني القرآنية مع كلام الله ويأخذ اسما لأي منزل من آيات القران فحيث ان هذا الباب هو باب الحزن حزن قلوب العارفين اتى باية من القران تتناسب مع هذا العنوان لان الله سبحانه وتعالى يقول في وصفهم اعيونهم تفيض من الدمع حزنا المؤمن العارف هكذا دائما في حزن قلبي ودموعه من عينيه تفيض خشية وخوفا من الله سبحانه ثم يبين تعريف الحزن ويقول الحزن توجع لفائت او تاسف على ممتنع لماذا المؤمن يحزن في قلبه لانه يتوجع من ماضيه يرى ان ماضيه ماضي اسود ماضي قد قضى اوقاته في مخالفة اوامر الله ونواهيه فيحصل الوجع والحزن في قلبه او تاسف على ممتنع يعني يريد ان يحصل على مقامات عالية في العرفان ويرى ذلك ممتنعا لما في نفسه من حائل وحاجب يمنعه من الوصول فيتاسف ويتأثر ويحزن في قلبه اذا الحزن اما توجع لأمر فائت او تأسف لأمر ممتنع ثم يقول وله ثلاث درجات الدرجة الاولى حزن العامة ثم حزن اهل الارادة ثم الدرجة الثالثة من الحزن اما الدرجة الاولى عامة الناس يحزنون على اي امور على امور ثلاثة حزن على تفريط في الخدمة وحزن على التورط في الجفاء وحزن على ضياع الايام عامة الناس يختلفون عن الخواص حزنهم ليس حزنا عميقا كالعارف بالله حزنهم على انهم كيف فرطوا اوقاتهم ولم يقيموا في اوقاتهم بخدمة الله وخدمة عباده يحزنون انهم لماذا حصل عندهم من تفريط وتضييع وتقصير في خدماتهم الالهية والمعنوية والاجتماعية هذا نوع من الحزن النوع الثاني على التورط في الجفاء يعني تورط اوقاتهم و اعمالهم في موضوع الجفاء الجفاء بمعنى ان المؤمن يجفوا و نعم هو بسبب جفائه وتعديه وتجاوزه عن حدود الله يتورط في اعمال الجفاء وحيث يتورط يحزن يقول لماذا لماذا جفوت مثل هذا الجفاء وابعدت نفسي عن ما يريد الله سبحانه وتعالى هذا نوع ثاني من الحزن واما الحزن الثالث من احزان العامة يقول الشيخ على ضياع الايام يعني ايامهم اوقاتهم لياليهم القيام في الليل للعبادة والتهجد و اداء النوافل والصلوات وما هناك من عبادات واجبة ومن رياضات شرعية لازمة لاي انسان سالك وعابد لله سبحانه وتعالى فحزنهم على انهم لماذا ضيعوا عمرهم واوقاتهم في امور تافهة في تعلقات دنيوية في ما لا يرضى الله سبحانه وتعالى فاذا حزن العامة على تفريطهم في الخدمة اللازمة وعلى تورطهم في جفائهم بالنسبة لمرضات الله وايضا على ضياع عمرهم اما الدرجة الثانية من درجات حزن حزن اهل الارادة يعني الذين قووا واحكموا ارادتهم في محبة الله سبحانه هؤلاء يختلف حزنهم عن حزن العامة هؤلاء انما حزنهم على تعلق الوقت بالتفرق وعلى اشتغال النفس عن الشهود وعلى التسلي عن الحزن حزنهم حزن معنوي قلبي يحزنون على انهم لماذا مضى وقتهم وعمرهم في التفرق المراد بالتفرق يعني الابتعاد عن قرب الله سبحانه وتفرق الحواس والفكر عن ذكر الله سبحانه كلمة التفرق مقابل كلمة التجمع قد يتمركز السالك في طريق الله يتمركز كل افكاره واعماله واوقاته في ما يرضي الله في محبة الله في عشق الله وقد يكون فكره متفرقا لم يتمركز ولم يثبت في محبة الله وارادته اذا طالما لم يجمع فكره واوقاته في الله سبحانه يحزن لماذا حصل عنده هذا التفرق في حواسه واحساساته وافكاره وظاهره وباطنه ثم يقول على اشتغال النفس عن الشهود يحزنون اهل الارادة في الله لانهم يقولون مع انفسهم ايها النفس لماذا اشتغلتي بامور تمنع هذه الامور عن الحصول على مرتبة الشهود مع الله سبحانه وتعالى في قلبه مرتبة الشهود هي مرتبة عالية ان الانسان يشهد تجليات الله في قلبه فهذا الشهود عندما يفقده الانسان السالك يحزن ويتاثر ويتاسف انه لماذا امضى وقته واشغل في نفسه في امور غير مهمة في امر غير الشهود ولم يحصل في هذه المدة على شهود رباني في نفسه يحزن لهذا الامر واما الثالث من موارد الحزن فهو على التسلي عن الحزن يعني المريد او السالك الذي هو ارادته في قلبه لله قد استحكم مثل هذا الانسان يحزن انه لماذا سلى نفسه عن حزن الله يعني يرى اهل الدنيا يتسلون بامور تافهة بامور مادية بامور دنيوية يفرحون لهذه التعلقات وهو لم يكن على حزن عميق في قلبه بحيث يمنعه عن هذا الفرح الذي هو يمنع من قرب الله سبحانه وتعالى فيتاسف على انه كيف تسلى في نفسه بامور لم تكن هذه الامور محزنة بل كانت مفرحة لم تكن محزنة فكيف تسلى عن هذا الحزن العميق الواجب لكل عارف بالله ثم يقول وليست الخاصة من مقام الحزن في شيء الخاصة هؤلاء الحزن يكبر في نفسه ويعظم اذا هؤلاء لا يتنازلون عن الحزن العرفاني بشيء من الاشياء فالخاصة في مقام الحزن هولاء لا يتنازلون في شيء من الاشياء بل هم دائما حزنهم في قلوبهم يتناجون مع الله يبكون يحزنون يبكون لفراقهم عند الله ولتقصيرهم هولاء دأبهم دائما في حالة البكاء والحزن هؤلاء الخواص هكذا ثم يقول الدرجة الثالثة من الحزن التحزن العارضات دون الخواطر ومعارضات القصود والاعتراضات على الاحكام المرتبة الثالثة من مراتب الحزن هو اعلى واعمق من المرتبتين اللتين ذكرنا عنهما حزن هوءلاء الذين نسميهم بخاصة الخاصة هؤلاء حزنهم لما يعرض في نفسهم من غير الخواطر يعني العارف بالله الذي وصل لهذه المرتبة العالية من الحزن حزنه ليس تاسفا على تضييع اوقاتهم اوعلى الامور التي سبقت وقلنا بالنسبة للصفات العامة والخاصة انما حزنهم لعروض شيء يمنع في قلبهم من ذلك الحزن العرفاني فهم ليس من جهة خواطر السوء بل بعارض قد يعرض في نفسهم ويوجب الغفلة عن مثل هذا الحزن العرفاني ثم يقول الامر الثاني الذي يهتمون اصحاب الحزن في المرتبة الثالثة هؤلاء لأجل معارضات القصود يعني قصد السالك ان يمضي كل وقته في ذكر الله في عبادة الله لكن قد يعرض عارض بالنسبة الى هذه النية وهذا القصد الذي يقصده السالك في الله اذا عندما تعرض هذه العوارض التي تمنع من القصود القلبي والنيات اللازمة لشخص السالك يتحزن انه لماذا تعرض هذه العوارض لماذا وايضا حزنهم من اجل الاعتراضات على الاحكام يعني هناك احكام الهيه احكام ربانيه الله سبحانه وتعالى قد قدر لهذا السالك ان يمضي حياته في افرض بليات او مشاكل يجب ان تحصل له في هذه الدنيا عندما يرى في قلبه اعتراض على حكم الله وعلى بلية الله وعلى ما قدر الله له عندما يرى اعتراضا في نفسه يحزن انه لماذا لماذا قد حصل هذا الاعتراض لماذا لم يكن في مقام التسليم والخضوع الكامل لاوامر الله واحكامه لماذا اذا فهو دائما في حزن لاجل هذه العوارض الباطنيه والقلبيه فالطائفة الاولى من جماعات المحزونين لله الطائفه والمرتبه الاولى حزنهم هؤلاء حزن ظاهري في امور ظاهريه لم يقوموا بالخدمه اللازمه والواجبه وهكذا قد يكون بالنسبه للخاصه ايضا حزنهم بما يتعلق في امر الظاهر والباطن واما الطائفه الثالثه وهم اعلى درجة في الحزن العرفاني هؤلاء حزنهم في الباطن والقلب لاجل امور لاجل امور باطنيه ولاجل عوارض قلبيه لاجل معارضات لنياتهم لاجل اعتراضات قلبهم على احكام ربهم اذا المرتبه الثالثه في الحزن تتميزبهذه المرتبه وهي ان هؤلاء يريدون ان يصفوا ويطهروا قلبهم من اي عارض يعرض في قلوبهم ويمنع ذلك من الحزن الكامل اسال الله تعالى ان يوفقنا لحزن عرفاني الهي ولا يشغلنا الدنيا عن هذا الحزن اللهم اجعل حزنك في قلوبنا وبشرك في وجوهنا اللهم امتنا على ولايه محمد وال محمد والسلام عليكم جميعا ورحمه الله وبركاته

التوبه-قسم-الثالث

جدول المحتويات