5- منزل التفکر

5- منزل التفکر

بِّسمَ أّلَلَهِ أّلَرحٌمَنِ أّلَرحٌيِّمَ أّلَحٌمَدِ لَلَهِ ربِ أّلَعٌأّلَمَيِّنِ وِصٌلَی أّلَلَهِ عٌلَى مَحٌمَدِ وِأّلَهِ أّلَطّأّهِريِّنِ اللهم وفقنا للاشتغال بالعلم والعمل الصالح

.الباب الخامس.

المنزل الخامس فهو التفكُر قال تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) هذه الآية الكريمة تصرح في موضوع التفكُر يعني التفكر امرٌضروريٌ لمن يريد التقرب منه سبحانهُ حیث يقول في القرآن( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) يعني يا حبينا يا نبينا أنزلنا إليك هذا القرآن لتبين للناس اي لتشرح لهم ما نزل إليهم المنزل إليهم هو القرآن يعني النبي يأتي ويبن هذه السور والآيات لماذا لعلهم يتفكرون لأجل ان يتفكر الناس في هذه الآيات الربانية و في ما يوضح لهم نبيهم و عندما يتفكرون يحصل لهم بصيرة يحصل لهم الإدراك بالنسبة لموقفهم من الله سبحانهُ وتعالى ولهذا الخواجه بعد ذکر هذه الآية يقول أعلم أن التفكُر تلمس البصيرة لاستداراك البُغيه( البُغيه يعني مايريد ان يفعله العبد مع الله سبحانه وتعالى) ماهي بُغيته وهدفهُ… الجواب على هذا السؤال هو أن يتفكر في الأمور التي تختص بالله سبحانه ويتلمس من هذه التفكرات بصيرتهُ الشخصية واداركهُ الروحي و المعنوي لماذا كل هذا لأجل ان يستدرك بغيته التي حركتهُ للسعي وبذل أوقاته في سبيل ان يحصل على المعرفة إلالهيه ثم يقول هو ثلاثة انواع فكرة في عين التوحيد وفكرة في لطائف الصنعه وفكرة في معاصي الأعمال والاحوال التفكر ينقسم الي ثلاث أقسام القسم الاول ان يتفكر السالك في توحيد الله سبحانهُ وتعالى مقابل الكفار والمنكرين و المشتبه عليهم والذين هم لا يتفكرون لأجل أن يصلوا الي معرفة الله فالفكرة الاولية ان يؤمن بالله سبحانهُ هذا الإيمان كيف يحصل من وراء هذه التفكرات… طبعا هذه لها توضيحات سنتعرض إليها ثم النوع الثاني من تفكرات السالك هو ان يتفكر في لطائف صنع الله في مخلوقاته في عالم السماء والأرض وكل مخلوق خلقهُ الله سبحانهُ وتعالى وصنعهُ هذا الصنع الالهي يحتاج الی ان السالك يتكفر فيه لكي يتقرب منه سبحانه “يا صانع كل مصنوع” كما نقرأ في دعاء الجوشن الكبير اما الفكرة الثالثة فهي في معاني الأعمال والأحوال يعني يتفكر السالك فيما يصدر منهُ من أعمال ومن أحوال من وراء تلك الأعمال التفكر في هذا النوع يصل الإنسان الى ان يفتش ويفحص عن مَا يفعلهُ لكي تكون أعماله خالصةً لله وايضا لكي يتنبه من أن ما يفعله المخلوق في هذا العالم هو أیضا ببركة هداية الله سبحانهُ وتعالى بعد هذا التوضيح ندخل فيمَ ذكرهُ الخواجه من توضيحات حول هذه الأفكار الثلاثة يقول اما الفكرة في عين التوحيد فهي اقتحام بحر الجحود لا ينجى منه إلا الاعتصام بضياء الكشف والتمسك بالعلم الظاهر التفكر في توحيد الله سبحانه يقتضي ان يقتحم السالك بحر الإنكار لتأثير الله في هذا العالم و لوجوده سبحانه يعني هناك من انكارات وجحودات الجاحدين لله المنكرين له يتوسلون بهذه التفكرات الجحوديه وهذه كثيره طبعالانه يعبر عنه بالبحر الأوهام والخيالات و الاستدلالات التي یتذرع إليها أصحاب الكفر و الإنكار والجحود وتوهمات وتلبیسات شيطانية و أفكار بشرية ليست هي دلائل صحيحة و عقليه وإنما هي اوهام في أوهام المتنور بنور الله سبحانهُ وتعالى والاستدلال بالدلائل العقلية و النقلية التي تثبت وجود الله سبحانهُ وتعالى هي أيضاً بحر بحرفي مقابل بحر الجحود فلابد للسالك بالأبتداء ان يستدل على الله سبحانهُ وتعالى بأستدلالات اشراقيه و استدلالات علمية لان الخواجه يقول لا ينجى منه إلا الاعتصام بضياء الكشف والتمسك بالعلم الظاهر ضياء الكشف هو الكشف النوري والاشراقي الذي يحصل في قلب السالك بواسطة ممارسته لتهذيب وتنزيه النفس بهذه الواسطة يمكنهُ ان يحصل على الاشرا قات النورية وبها يتقرب الى الله سبحانهُ وتعالى ويحصل على يقين الأمر الثاني التمسك بالعلم الظاهر.العلم الظاهر هي التي قد ذكرها أساتذة ألفن أساتذة العلم النظري في كتبهم الأمر الأول ضياء الكشف هذا علمً باطنياً لدني اما العلم الظاهر اما علوم حوزويه او علوم جامعيه او علوم هي منقولة من يد إلى يد يمكنهُ السالك ان يطالع او يدرس العلوم النظرية و العرفان النظري بهذا ايضا يتضح له التوحيد اما الفكرة في لطائف الصنائع فهي ماء يسقي زرع الحكمة الخواجه يشرح كيفية التفكر فی لطائف صنع الله يقول هذا التفكر ينبع من ماء الحكمة هذا الماء هو ماء معنوي ومنبعهُ القلب النوراني قلب السالك فبواسطة ما ينزل في قلبه من توجهات في عالم المصنوعات الإلهية يمكنهُ بواسطة ما يفيض عليه أن يسقي الارض الزراعية و المقصود من هذه الارض ارض الحكمة الإلهية فبواسطه هذه التوجهات القلبية المعنوية السالك يتفكر في ذرات صنع الله سبحانه في الأشياء الخفية من عالم الخلق من صنع إلالهي مثلا يأتي و يتفكر في صنع الزنابير التي تولد عسل للإنسان او يتفكرفی خلقة الخفاش او في خلقة اي حيوان او في خلقة الانسان كل هذه مخلوقات و مصنوعات الهيه فالتفكر في صنع الله يوصل السالك إلى معرفته سبحانهُ و اما في معاني الأعمال والأحوال فهي تسهل سلوك طريق الحقيقة اذا العبد السالك تفكر في أعمالهِ واحوالهِ هل هي مطابقة لله سبحانهُ ولما أمره به فشيئاً فشيئاً تتغير احواله واعماله وبواسطة هذه المراقبات وهذه المحاسبات وهذه التفكرات شيئاً فشيئاً العبد يتغير من حالة جحود الي حالة ايمان و يتغير من حالة الفسق الي الصلاح و هكذا تتغير كل أعماله واحواله كل حياته تتغير الان انت اذا اردت ان تقارن وتقايس بين المؤمنين في حياتهم في هذه الدنيا وبين الكفار الجاحدين لله حياة كيف يعیشون في هذه الدنيا ترى أن حياة الكفار حياة مليئة بالفسق و الفجور والمخالفات الإلهية وحياتهم حياة حيوانية ليست هي حياة المطلوبة اما حياة المؤمن بالله الموحد فترى يعيش عيشاً صالحاً هنيئاً مرئياً أمناً مطمئناً فالمقايسه و المقارنة بين الحياتين الإنسان يتعرف على كثير من الأمور
ذكرنا القسم الأول من هذا الباب وبقي قسم ثاني، يقول الأنصاري في كتابه وانما يتخلص من الفكرة في عين التوحيد بثلاثة أشياء بمعرفة عجز العقل، وبالإياس من الوقوف على الغاية ومن الاعتصام بحبل التعظيم ذكرنا في القسم الأول أن السالك سبيل الله عليه ان يتفكر في توحيد الله ثم في صنع الله وثم في اعماله واحواله وذكرنا السبب في لزوم هذه التفكرات وهنا نذكر بأنه كيف يتمكن للسالك أن يتفكر في التوحيد، وكيف السبيل الى التفكر في لطائف صنع الله ثمّ كيف يتفكّر في مراتب اعماله واحواله أما العوامل او الاسباب التي يحتاج اليها السالك عندما يريد ان يستعمل فكره في توحيد الله هذه العوامل ثلاثة العوامل الاول معرفة عجز العقل، بمعنى ان السالك يصل الى هذه النتيجة وهي ان عقله عاجز من ان يصل الى معرفة كنه الله سبحانه، العقل مخلوق من الله هذا المخلوق الضعيف كيف يتمكن من ان يتوجه ويتعمق في معرفة ذات الله سبحانه فمعرفته لا تحصل الا بالنورانية الا بالاشراق الالهي الا بالتجليات الاهية العامل الثاني في الفكرة في عين التوحيد هو الأياس من الوقوف على الغاية بمعنى ان العبد عندما يستعمل فكره في معرفة الله، يصل الى انه لا يتمكن ان يصل الى غاية المعارف لانه هو بنفسه غير متمكن إنما يفتقر الى العون الإلهي، والمدد الغيبي أما العامل الثالث فهو الإعتصام بحبل التعظيم اذا اراد أن يصعد في فكره في توحيد الله عليه أن يعتصم ويتوسل بحبل التعظيم الإلهي، كلما يعظم الله سبحانه في قلبه كلما تقرب من معرفته ثم قال الشيخ عبد الله الانصاري وانما تدرك لطائف الصنائع بثلاثة اشياء بحسن النظر في مبادئ المنن والإجابة لدواعي الإشارات وبالخلاص من رق الشهوات، اذا أراد السالك ان يستعمل فكره في اللطائف والدقائق في صنع الله سبحانه في هذا العالم الكبير فعليه أن يستعمل الطرق الثلاثة الطريق الأول أن يحسن نظره وتفكره في مبادئ المنن الإلهية، يعني ينظر إلى أنّ ما يرى من مننه وكرمه سبحانه هذه المنن والنعم من أين ابتدأت أليس المظهر لهذه النعم هو الله سبحانه وتعالى؟ فالنعم المصنوعة بصنع الله وخلقه في هذا العالم الوسيع انما هو ببركة المنعم الجليلي والصانع العظيم، العامل الثاني او الطريق الثاني في درك لطائف صنع الله هو الإجابة لدواعي الإشارات المنظر لكلمة الإشارات يعن الاشارات العرفانية لان السالك عندما يدخل في مثل هذه التفكرات العرفانية والنورية تحصل له اشارات في معرفة الله سبحانه فيجب ان يغتنمها اذا رأى في تفكره اشارة من معارف الله فعليه أن يستجيل ما ورد في قلبه من دواعي لهذه الإشارات المعنوية والعرفانية وإذا استجاب لهذه التلميحات والاشارات يمكنه ان يستغرق في معرفة الله ثم يقول الطريق الثالث هو الخلاص من رق الشهوات يعني السالك لابد له من أن يتخلص من عبودية الشهوات يعني قد يكون عبداً لشهواته وملذاته وطلبات نفيه وإما ان يكون عبداً لله سبحانه ويتخلص بسبب سعيه وجهاده يتخلص من الشهوات النفسية والشيطانية فاذا طهر من رق الشهوة، عندما ذلك يفتح له ابواب المعرفة ويتمكن من ان يكسف في تفكره لطائف صنع الله في مخلوقاته ثم يقول وانما يوقف بالفكرة على مراتب الاعمال والاحوال بثلاثة اشياء باستصحاب العلم واتهام المرسومات ومعرفة مواقع الغير، العامل الثالث في التفكر هو ان يتفكر بالنسبة لما يصدر منه من اعمال وأحوال، هذا النوع الثالث من التفكرات الثلاثة يجعل السالك ان يشخص في افعاله واحواله ان يعرفها معرفة كاملة هل هي ما يصدر منه من اعمال معنوية عبادية احوال روحية، هل يحصل له تحول وتغيير جذري فيما يفعل او انه ليس بهذه المثابة يعني لا يمكنه ان يميز ما هو لله وما هو لغير الله فاذا استعمل الدقة والتفكر والتعن في كيفية ما يصدر منه عند ذلك وبسبب هذه المراقبة والتفكرات يحصل له التقدم المعنوي والسلوكي في اعماله واحواله وذكر ان مثل هذا التفكر يفتقر الى اسباب ثلاثة السبب الاول ان يستصحب العلم والمراد بكلمة العلم في هذا الكتاب هو علم الشريعة يعني السالك لابد له من تفكر في دينه وفيما يفرض عليه من احكام الهية لابد من ان يحصل له العلم والمعرفة بما يريد منه الله سبحانه وتعالى فاذا استصحب العلم في احواله واعماله وازال عن نفسه الجهل ومشى على اضواء الشريعة المقدسة عند ذلك اذا طبق اعماله واحواله على موازين الشريعة يمكنه ان يترقى من مرتبة الى مرتبة اعلى ثم يقول واتهام المرسومات كلمة المرسومات يعني العرفيات الامور المتعارفة بين اهل الدنيا السالك حيث انه لا ينظر الى الظواهر ويعمل دائما في الباطن وتنوير قلبه فلا يهمه المرسومات العرفية بين الناس لان كثيرا من هذه الرسومات لا تتطابق مع نظر الشريعة المقدسة فلابد للسالك من الخروج عن العادات العرفية والرسومات والتقاليد التي هي متعارفة بين اهل الدنيا لان السالك يبتغي مرضات الله سبحانه لا مرضات الناس ثم يقول معرفة مواقع الغير، المراد بكلمة الغير يعني غير الله لابد للسالك اذا اراد ان يجعل اعماله واحواله لله خالصا مخلصا فلابد من ان يعرف الدواعي في ما يفعله هل هي هذه الدواعي دواعي الهية خالصة ام فيها رياء وتظاهر فيها الشرك الخفي، هل يشرك غير الله فيما يفعله من عبادات وطاعات. اذاً في فكرع ودقته ومراقبته لأعماله واح اله اذا أراد ان يصل الى كمالات لابد من ان يعرف ما يصدر منه هل هو لله مائة بالمائة أم شرك غير الله في طاعاته وعباداته ونسخة اخرى تقول مواقع العِبَر المقصود بالعِبر يعني ان يعتبر من حوادث الدنيا ومما تدور حوله من حوادث فإذا اعتبر مما يحصل عند ذلك يؤثر هذه العبرة والاعتبار في كيفية عمله وحاله مع الله سبحانه لأنه دائما هو في هذا الدنيا في حال الاعتبار والعبرة والابعتاد عن الغفلة وبهذا يتمكن من أن يغير في اعماله واحواله فاما كلمة الغير يعني خروج الاغيار من قلبه وان يجعل كل عمله واحواله خالصاً لله سبحانه او النسخة الثانية التي تذكر كلمة العبر هو سبب ما يعتبر ما يحصل حوله من حوادث يتمكن من ان يغير في اعماله واحواله لهذا علينا ان نستعمل التفكر للتقرب من الله في جميع احوالنا واعمالنا

اذن لابد من هذه التفكرات التي ذكرها الخواجه في هذا المنزل……نسأل الله أن يوفقنا لمثل هذه التفكرات التوحيدية الالهيه ويجعلنا من عباده المخلصين والحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد وآله الطاهرين.

2727d1c5db-5b86d8d5c2fbb87e008b6a3c

جدول المحتويات