6- منزل التذکر

6- منزل التذکر

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطاهرين
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
 
__________________________
 
قال المصنف الشيخ عبد الله الأنصاري
في كتابه المعروف منازل السائرين في الباب السادس أو المنزل السادس من أبواب ومنازل هذا الكتاب هو باب التذكر ويقول المؤلف أو المصنف  قال الله تعالى ( وما يتذكّر إلّا من ينيبُ)  التذكر فوق التفكر فإن التفكر طلبا والتذكر وجودا وقال ابنية التذكر ثلاث أشياء :
١.. الانتفاع بالعبرة
٢.. والاستبصار بالعبرة
٣.. والظفر بثمر الفكرة 
وإنما يُنتفع بالعظة بعد ثلاثة أشياء
١.. بشدّة الافتقار إليها
٢.. والعمى عن عيب الواعظ
٣.. وبذكر الوعد والوعيد
 
وإنما تستبصر  العبر بثلاثةِ اشياء :-
١.. بحياة العقل
٢.. ومعرفة الأيام
٣.. والسلامة  من الأغراض
 
وإنما تجنى ثمرة الفكر بثلاثةِ اشياء :-
١.. بقصر الأمل
٢.. التأمل في القرآن
٣.. وقلّة الخلطة والتمني والتعلق والشبعِ والمنام
 
هذا كل مطلب هذا  الباب ابتدأ المؤلف
بذكر آية من القرآن الكريم وهي من سورة غافر آية ( ١٤ ) انما يذكر هذه الآية لمناسبة هذا الباب حيث سمى هذا الباب بباب التذكر ويقول القرآن الكريم ( وما يتذكر الا من ينيبُ ) ويعني المنيب هو التائب الذي تاب ورجع إليه  سبحانه وأناب اليه بتضرعه وبكائه وتوجّهه لهذا المصدر القوي واظهر ضعفه وقال يا قوي يا عزيز  يا غافر كل ذنب اغفر ذنوبي . وهذا متى يحصل ؟ عندما يكون الإنسان متذكراً لله ولعاقبته  عند ذاك ينوب الى الله ويرجع اليه فالآية هذه تتناسب مع هذا الباب ولهذا سمى التذكر ثم قال التذكر فوق التفكر فإن التفكر طلب والتذكر  وجود يقول الخواجة عبدالله هناك فرق بين التفكر والتذكر وان كان هو قد ذكر التفكر في باب مستقل والتذكر ايضا ذكره في باب مستقل وفرق بينهما فقال أن التفكر طلب والتذكر وجود
يعني السالك عندما  يتفكر بعقله وبفكره ويفحص ويطلب عن الغاية المقصود فالفكر قبل الذكر بمعنى أنت أيها السالك اولاً : تتفكر في منهجك ومقصدك وطلبك لله سبحانه في نفسك ثم بعد ذلك تتذكر المعشوق والمطلوب والله سبحانه في نفسك فلابد من تفكر في المقدمة ثم التذكر لهذا قال الخواجة التذكر وجود بمعنى وجوب المطلوب الذي أنت تطلبه وتتوجه اليه وتفحص عنه هذا المطلوب وهذا المقصود من السير والسلوك و التوجهات والتفكرات  كل ذلك لأجل أن تذكر ربك في نفسك وأن تجده في نفسك تجده في نفسك فالتفكر يكون قبل التذكر بعد هذا دخل في مواضيع أخرى موضوع هو أن للتذكر ابنية بمعنى مباني وأسس لابد من أن يعرف السالك الأساس للتذكر كيف يتذكر من أي أشياء  ما هي هذه الوسائل ما هي هذه الأسباب للتذكر اذا لابد من بيان ابنية التذكر هذا مطلب.
المطلب الثاني لابد من بيان  ما يعتبره الإنسان أنه كيف يعتبر ثم لابد من أن يشرح المؤلف ثمرات التفكر أنه قال في الأول ابنية التذكر  يعني أنت أيها السالك تبني تذكرك لله على هذا الأسس وهي ثلاثة (( أولاً : أن تنتفع بما تتعظ من الوعاظ. ثانياً :  ان تستبصر من العبر التي تعتبر بها في هذه الدنيا. ثالثاً : الظفر بثمر الفكرة بمعنى أنت اذا جلست وتفكرت واشغلت ذهنك وعقلك في أمور فلابد من أن يكون هذا الفكر له ثمار كما أن الزارع عندما يزرع الشجر لابد أن يأخذ ثمرة من هذه الشجرة أنت إذا تفكرت لابد من أن تأخذ ثمار من أفكارك من تفكراتك لابد أن تأخذ ثمار فاذاً هنا ادوار ثلاثة. الدور الأول : أن نعرف كيف ننتفع بالمواعظ .. الدور الثاني : هو أن تعرف كيف تأخذ بصيرة وهداً من الأشياء التي اعتبرت بها.. الدور الثالث : أن تعرف كيف تظفر وتحصل على ثمار ما فكّرت في نفسك .. هذه أدوار ثلاثة لابد من معرفتها أما الدور الأول : يقول وأنما ينتفع بالعظة بعد حصول ثلاثة أشياء بمعنى اذا دخلت ميدان الوعظ والمواعظ واستمعت الى واعظ يوعظُ الناس أو كتاب أو أي شيء تتعظ به لابد من حصول هذه الأمور الثلاث الأمر الأول : بشدة الافتقار اليها ضمير يرجع الى العظَة بمعنى أنت لابد من أن تشعر في نفسك هل هناك من حاجة لأن تجلس الى واعظ وهو يأتي ويوعظَ لك بمواعظ ونصائح لابد من هذا الافتقار وهذا الاحتياج أما إذا كنت أنت تستغني من الواعظ الموعظ ((  تشوف حالك ملتهي في الدنيا ولا أنت عند الوعاظ ولا يم الواعظ ابد أنت متدهور في الدنيا وفي زخارف الدنيا )) فالأمر الأول هو شدة افتقار السالك إلى الموعظة لابد من أن يشعر ويرى نفسه محتاجاً الى الواعظ  والموعظة هذا هو الأمر الأول …. الأمر الثاني: الأعمى عن عيب الواعظ. هناك موعظة وهناك واعظ وهناك متعظ. الواعظ من يجلس مثلاً على المنبر ويأتي بموعظة للمستمعين الموعظة الكلام الذي يلقيه على المستمعين والمتعظ من يجلس تحت المنبر ويستمع الى مواعظ الوعاظ يقول المؤلف إنما أنت تستفيد من الموعظة اذا عميت عن عيوب الواعظ أما اذا أنت بعد هذا الواعظ لن تقبله تقول له هذا شخص لا يليق بأن
يوعظني هذا هو صاحب عيوب كيف هذا يوعظني لابد يأتي فد امام معصوم أو فد رجل نوراني رجل عارف يأتي ويوعظني فطالما أنتَ ترى عيوب الواعظ لايمكنك أن تستفيد من مواعظ الواعظ ولكن اذا عميت عيناك عن عيوب ذلك الواعظ وقلت أنا أريد الوعظ والموعظة من أي شخص كان لأن المؤمن هو يدور ويفحص عن موعظة من أي شخص كان ((  الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها )) لماذا تنظر الى عيب الواعظ أنظر الى الكلام أنظر الى ما قال ولا تنظر الى من قال اذا الموعظة هي موعظةَ من القرآن من الله كلمات ذهبية حكمية تنتفع بها لابد أن تستفيد منها حتى ولو كان في الواعظ عيباً هذا هو الأمر الثاني أما الأمر الثالث ذكر الوعد والوعيد. الوعد هو ما يوعد الشخص بشيء ينفعه ينفع ذلك الشخص … الوعيد . هو التهديد بمعنى يخوفهُ. الله سبحانه و تعالى لهُ وعود وله أيضاً وعيد الوعود هي (( مثلاً  الجنة وماهي من المراتب في الجنة المثوبات هذه كلها من نوع الوعد )) الوعيد .. هو ( النار نار جهنم عذاب الله عقاب الله هذه كلها من نوع الوعيد )) فالذي يريد أن ينتفع بمواعظ الوعاظ لابد له أن يذكر وعد الله في نفسه كما أنه لابد أن يذكر وعيد الله في نفسه بمعنى بين( الخوف والرجاء )  يكون في هذه الحالة عند ذلك يستفيد من الموعظة أما الذي  لايذكر  الوعد والوعيد ولا يعتبر بهما مثل هذا الشخص كيف يستفيد من مواعظ الوعاظ لانه هو ليس من اهل هذه المواعظ .
وهو ملتهي في نفسه وفي الدنيا وفي الزخارف فاذا لابد من ذكر الوعد والوعيد أذا اراد أن يستفيد من الموعظة هذه الأمور الثلاثة (  أولا.. يرى في نفسه حاجه للموعظة .. ثانياً .. لا يستعيب الواعظ ويقول أن فيه عيوب كذا وأنا لا أستفيد .. ثالثاً .. يتذكر الوعد والوعيد.. ) ثم يجلس في مجالس الوعظ والإرشاد ثم قال :
وإنما تستبصر  العبرة بثلاثة  اشياء في الأول قال ( أبنية التذكر ثلاثة … الانتفاع في العبرة …. استبصار العبرة ….. الظفر في ثمر الفكرة.. ) كمل شرح الانتفاع في الموعظة ثم دخل استبصار العبرة  أنه كيف يستبصر من العبرة بمعنى اذا رأى عبرة من العبر كيف يستبصر بها وينتفع بها يقول هناك أمور ثلاثة أيضاً لابد أن تلاحظ هذه الأمور الثلاثة عندما تريد أن تعتبر بعبرة طبعاً ما اكثر العبر وأقل الاعتبار العبر هي كثيرة ولكن الشخص الذي يعتبر من هذه العبر قليل فاالخواجة: يقول اذا اردت أن تكون من أهل العبرة وتعتبر بالعبر فلابد من أن يكون فيك هذه الأمور الثلاثة ( الأمر الأول .. حياة العقل . العاقل صاحب عقل ولكن العقلاء منهم من يستفيدون من عقولهم ومنهم من لا يستفيدون فاذا كان عقلك حياً فاعلاً في نفسك واستعملت العقل في الأمور عند ذلك بإمكانك أن تستفيد من العبرة وأما الذي لا يستفيد من عقله وتعقلاته فهذا أيضاً لا يستفيد من العبر .. الأمر الثاني .. معرفة الأيام اغتنموا الفرص انها تمر كما تمر السحاب لابد من معرفة أيام عمرك لابد من محاسبة ومراقبة أما الذي لا يتوجه للعمر ولا يهتم في الوقت الوقت هو ذهب لابد من أن يستفيد الانسان من ساعات عمره فاذا كان معتبر ممن يغتنم فرصه وأوقاته وأيامه عند ذلك اذا رأى عبرة ممكن أن يستفيد منها أما الذي لا يهتم بعمره وأيامه وأوقاته ويضيع أوقاته دائماً فهذا كيف يعتبر … الأمر الثالث … السلامة من الأغراض لابد من أن يكون السالك سالماً من اغراض غير الله من الاغراض الدنيوية من الفساد النفساني من التعلقات اذا كان الشخص هو سالم من أي غرض غير الله عند ذلك اذا رأى عبرة من العبر يقف ويعتبر ويتذكر ويستهدي بهداه .. هذه الأمور الثلاثة لازم وواجب في تحصيل العبرة ((  حياة العقل  معرفة الأيام   السلامة من الأغراض  )) وأما المطلب الأخير وهو أنه كيف نستثمر أفكارنا كيف نستفيد كيف نأخذ ثمرة من تفكراتنا لأن هناك أشخاص يتفكرون ولكن تفكرهم في مأكولهم ومشروبهم ليس فكرهم في أمور تنفعهم فاذا أردت أيها السالك أن تستثمر من فكرك لابد من رعاية هذه الأمور الثلاثة  :  ( الأمر الأول : قصر الأمل …. الثاني … التأمل في آيات القرآن … الثالث … قلة الخلطة والتمني والتعلق والشبع والمنام ) أما قصر الأمل بمعنى أن الانسان يقصر من آماله في هذه الدنيا المتلون بألوان وزخارف ومظاهر فلو كنت أنتَ كثير الأمل ترى نفسك أنو انا في ثروة ومال واولاد وكذا وكذا وسوف أستحصل على كذا من ثروة من مال من بيت من مسكن من كذا كيف تفكر في أمر آخرتك المشغول في الدنيا كيف يتفكر في أمور الآخرة لهذا لابد من قصر الأمل الذي يريد أن يستثمر من فكرة بالنسبة لله سبحانه بالنسبة لأمور معادة بالنسبة لمستقبله لابد من أن يقصر آماله الدنيوية هذا هو الأمر الأول ….. الأمر الثاني …. التأمل في القرآن بمعنى أنت تفتح القرآن وتقرأ آية وآية تتمعن في  معاني القرآن وخصوصاً الايات التي ترجع الى التوحيد او الى المعاد وكل آيات القرآن كل القرآن فيه عبرة فيه توجه فيه نور القرآن هو كتاب الله سبحانه وتعالى إذن اذا اردت أن
تتفكر وتأخذ ثمرة من فكرك لابد أن تتفكر في كلمات الله في القرآن الكريم فعندما تجلس وتفتح القرآن وتقرأ بخشوع وخضوع وتأمل عند ذلك يصبح عندك نور في قلبك والنور هو ثمرة هذا التفكر تتقرب الى الله بذكرك لكلام الله والتوجه هذا هو الأمر الثاني أما …. الثالث ….. قلة الخلطة والتمني والتعلق والشبع والمنام هذه أمور خمسة بمعنى عندما تعدد هذه الأمور ترى خمسة الخلطة و الاختلاط مع الناس و التمني وكثرة الأمل في أمور الدنيا التعلق هو التعلقات النفسية التعلقات الدنيوية و الشبع الشبع من الأكل والشرب شبع البطن لهذا ورد في الدعاء ( اللهم أني اعوذ بك من بطن لا يشبع ومن عين لا تدمع ومن علم لا ينفع ) فالشبع هو الشبع من الأكل بمعنى كثرة الأكل والمنام كثرة النوم هذه أمور تمنع الانسان من أن يتفكر في عاقبته و مستقبله وآخرته يمنع طالما أنت مختلط مع الناس وتعاشر هذا وغيره كيف تختلي مع الله بمعنى الخلطة حاجب عن الخلوة فلابد من أن تقلل من معاشرتك واختلاطاتك مع غير الله مع الناس وايضا لابد لك أن تقلل من تمنياتك الدنيوية وآمالك الدنيوية آمالك السفلية هذه الآمال هي حجاب مانع من أن تتقرب الى الله سبحانه وتعالى ايضا تعلقات القلبية بغير الله بالأموال بالانفس الدنيا ومافيها هذه كلها حجاب وحائل ومانع عن أن تستثمر من تفكراتك  المعنوية ايضا الشبع بمعنى عندما يشبع الانسان وما يحس بالجوع هذا كيف يتفكر أصلا بعد لم يصبح له مجال يجلس ويتفكر بعواقب اموره يتفكر في آخرته يتفكر في الله ايضا المنام كثرة النوم هذه ايضا تمنع الانسان من التوجه الى الله والتفكر فلابد من رفع هذه الموانع من قصر الأمل من قلة الاختلاط والتمنيات والتعلقات وشبع البطن والنوم الكثير هذه حجب وموانع لابد من رفعها ثم تشتغل بالتفكر الالهي والتفكر المعنوي والتأمل في قراءة القرآن هذه كلها يوجب أن تتقدم في سيرك وسلوكك مع الله سبحانه وتعالى اما طالما أنت في الحجب والموانع بعيد أن تستفيد سيرك وسلوكك لابد من رفع هذه الحجب والموانع عن طريق الله سبحانه وتعالى لكي تحصل على ما تريده من تقرب الى الله سبحانه وتعالى وما هناك من فوائد معنوية وعرفانية هذه كلها تتوقف على رفع الموانع
 
صل الله على محمد وآله الطّاهرين
اللهم صلِ على محمد وآل محمد 

2727d1c5db-5b86d8d5c2fbb87e008b6a3c

جدول المحتويات