15- منزل الاخبات
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين اللهم صل على محمد وال محمد اللهم وفقنا ووفق المشتغلين بالعلم والعمل الصالح اعزائي احبائي ايها المستمعون الكرام اننا قد وصلنا في بيان منازل السائرين الى المنزل الخامس عشر وهو منزل باب الإخبات قال الله تعالى ((وبشر المخبتين)) سورة الحج آية 34 الإخبات من أوائل مقام الطمأنينة وهو ورود المأمن من الرجوع والتردد كما قلنا سابقا إن الشيخ الأنصاري رضوان الله عليه عندما يصل إلى أي منزل من منازل الطريق أول ما يذكر آية قرآنية تتناسب مع ذلك المنزل فحيث ان هذا المنزل اسمه الإخبات اخذ كلمة الإخبات من قوله تعالى بشر المخبتين الاخبات يعني الانقطاع الى الله سبحانه وتعالى بحيث قد اخبت عشقه وحبه لله ووصل تقريبا إلى مقام الثبات والطمأنينة. المؤلف يذكر تعريف الإخبات يقول: الإخبات من اوائل مقام الطمأنينة. الطمأنينة منزل من منازل هذا الطريق سيتعرض المؤلف اليه لكن قبل الورود في مبحث الطمأنينة يقول: السالك عندما يصل الى مرتبة الإخبات في نفسه يكون قد قضى مراحل ووصل الى قريب من مقام الطمأنينة والطمأنينة منزل كبير القرآن الكريم يقول يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية وادخلي في عبادي. اذا النفس المطمئنة اذا قارنتها بنفوس اخرى نازلة كالنفس الملهمة والنفس القدسية نعم والنفس اللوامة وما شاكل ترى ان النفس المطمئنة هي اعلى مرتبة في النفس فالسالك المخبت المنقطع الى الله والواصل الى مقام الامن مثل هذا السالك يكون قد أنها مراحل روحية ووصل الى تقريبا الى قرب النفس المطمئنة ثم يقول وهو ورود المأمن من الرجوع والتردد يعني ان السالك اذا اخبت الى ربه وكان دائما في حالة تضرع وانقطاع يكون قد ورد مقام الامن الإلهي وصل في طي هذا الطريق الى مقام الأمن يعني تبتعد عنه الوساوس الشيطانية تبتعد عنه الأهواء والتعلقات وما شاكل فهو لا يرجع ولا يتردد لماذا لأنه وصل إلى امن وامان الهي فكيف يرجع وكيف يتردد ثم يقول هو على ثلاث درجات الدرجة الاولى ((ان تستغرق العصمة الشهوة وتستدرك الارادة الغفلة ويستهوي الطلب السلوة)) هذه مرحلة اولى في مراحل الاخبات السالك المخبت اذا تمكن من ان يعمل عصمته عن الذنوب وعن الشهوات ويصل في استغناء هذه الحالة الروحية يعني حالته تكون بحيث ان يتمكن من ان يعصم نفسه من الشهوات و الملذات التي تمنعه من الوصول الى الله سبحانه وتعالى فهذا درجة من درجات الاخبات وايضا من علائم ذلك ان يستدرك السالك ارادته الغفلات يعني عندما تاتي الغفلة في قلبه فورا يستدرك الغفلة بالارادة والمحبة والعشق الالهي فاذا تمكن من ان يجبر غفلاته و شهواته و مولاته بالارادة القوية المعنوية والمحبة القلبية لله سبحانه فهذا يكون من الدرجات الاولية للاخبات ثم يقول ويستهوي الطلب السلوة، السلوة اما بمعنى ان يتسلى و تستكين نفسه يصل الى سكون و امن و راحة نفسية اما بهذا المعنى واما السلوة بمعنى النسيان كليا المؤلف يقول من علائم الاخبات ان يستهوي السالك طلبه ويصل الى السلوة يعني السالك عندما يبتدئ في طريق معرفة الله طلبه لذلك المقام العالي يزداد يزداد الى ان يسقط هذا الطلب في نفسه يعني السالك طلباته حتى المعنوية عليه ان يصل الى مرتبة بحيث لا يرى لنفسه طلبا لماذا لانه وصل الى معرفة الله ورأى ربه في قلبه فكيف ينسى الله سبحانه وتعالى وكيف لا يتسلى به ولا يسكن قلبه اليه اذا لابد من ان يستهوي الطلب السلوة يعني الطلب لابد ان يصل الى مرتبة التسلي والسكون الى الله سبحانه وتعالى واما الدرجة الثانية من درجات الاخبات يقول ((ان لا ينقص ارادته سبب ولا يوحش قلبه عارض ولا تقطع الطريق عليه فتنة )) من علائم الدرجة الثانية في الاخبات وهي الدرجة المتوسطة فيها طريق الوصول الى الاخبات الأعلى والأعظم هو هذه العلائم الثلاثة اذا اراد ان يمتحن السالك قربه من الله إخباته وخضوعه وانقطاعه اليه لابد من ان يجرّب نفسه في هذه العلامات الثلاثة. العلامة الاولى ان لا ينقص ارادته سبب المراد بالسبب هو الأسباب الظاهرية والباطنية فمثلا من الأسباب الظاهرية انه نعم ينشغل بحب غير الله سبحانه وتعالى من الأسباب الدنيوية والسبب الباطني هو أن ينشغل بمراتب روحية هذه المراتب ربما يتصور انه قد وصل الى الله سبحانه وتعالى عندما يحصل في نفسه نور الهي او مكاشفات او كرامات ربانية فربما هذه الاسباب تمنعه من ان يديم طريقه في الله سبحانه ويصل الى ذلك التوحيد المحض فالاسباب يجب ان لا تنقص من ارادته ومحبته في الله ويستديم في هذا الطريق يستديم ويستقيم ثم يقول ولا يوحش قلبه عارض. عارض من عوارض الدنيا او من عوارض الاخرة لا فرق بين ما يعرض من عوارض معنوية أو عوارض دنيوية بحيث اذا ورد في قلبه هذه العوارض هذه العوارض توجب الوحشة والابتعاد عن الله سبحانه وتعالى ونعم يبتعد عن مقام الانس والعشق والتقرب لله سبحانه اذا فلا بد ان لا يوحش قلب هذا السالك المخبت الى الله عارض من عوارض الدنيا والاخرة ثم يقول ولا تقطع الطريق عليه فتنة من الفتن كما تعلمون نحن قد ابتلينا بفتن وامتحانات إلهية وقال الله سبحانه احسب الناس ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون اذا فالافتتان والامتحان لابد منه ولهذا ورد في الحديث الشريف انك اذا اردت ان تدعوا الله لا تقل اللهم إني اعوذ بك من الفتن كلها بل قل اللهم اني أعوذ بك من مضلات الفتن فالفتنة على قسمين اما ان تكون طريق هداية لله واما ان تكون مضلة تبعد الانسان عن الله سبحانه وتعالى والمراد من قوله لا تقطع الطريق عليه فتنة يعني فتنة من الفتن المضلة التي تكون حائل ومانع وحاجب عن الوصال لله سبحانه نعم هناك فتن قد تعرض في طريق التوحيد مع الله اذا لابد ان يكون المخبت متنبه يتنبه الى مثل هذه العوارض التي قد تعرض عليه في سلوكه وطريقه واستقامته مع الله سبحانه وتعالى أما الدرجة الثالثة من درجات الاخبات وهي اعلى درجة ((ان يستوي عنده المدح والذم وتدوم اللائمة لنفسه ويعمى عن نقصان الخلق عن درجته)) يقول المؤلف اذا وصل المخبت الى درجة بحيث راى في نفسه انه اذا استمع الى مدح من الناس او ذم من الناس فيرى في نفسه لا يفرق بين المدح والذم يعني المدح والذم عنده متساويان والمراد من المدح والذم يعني الناس ياتون ويمجدونه ويمدحونه بالقاب واوصاف والمراد من الذم ان يذمونه بكلمات يسيئون اليه الادب يقول فلان مثلا ليس بعالم فلان كذا وكذا من اوصاف مذمومة السالك الى الله يحمل في نفسه حالة انقطاع وإخبات مثل هذا السالك لا يتوجه الى الناس كيف يذمون وكيف يمدحون بل هو همه مدح الله وذم الله هو يرى نفسه امام الله امام عظمته وجلالته فلا يفرق بين من يمدحه ويذمه كما كان هذا من خصلة نبينا محمد ص قالوا عنه انه ساحر انه شاعر انه مجنون كذا وكذا وكان لا يهتم بما كانوا يقولون اذا نحن من امته وعلينا ان نكون كذلك ثم تدوم لائمته لنفسه العلامة الثانية من علامات الاخبات المقرب لله هو ان يكون السالك دائما في لوم نفساني النفس اللوامة النفس اللوامة هي التي دائما يكون في حالة مذمة ولوم داخلي ونفساني يقول لنفسه اذا مثلا اراد ان يظهر العجب والغرور والتكبر وما شابه فهو دائما في لوم شديد لنفسه ثم يقول ويعمى عن نقصان الخلق عن درجته يجب لمن يريد ان يصل الى درجة عالية في الاخبات ان يشتغل بعيوب نفسه ولا يرى عيوب الناس فهو باشتغاله بعيوبه لا ينظر الى عيوب الناس يعمى بصره عن عيوب الناس يعمى عن نقصان الخلق ويرى نفسه تحمل النقصان نعم يقول يعمى عن نقصان الخلق عن درجته يعني لا يرى درجته درجة عالية اعلى من الخلق ولهذا ورد في الحديث الشريف ان الإمام الحسين ع لما سئل عن الادب فقال الحسين ع هو ان تخرج من بيتك فلا تلقى احد الا رأيت له الفضل عليك ورد هذا الحديث في موسوعة كلمات الامام الحسين صفحة 895 الامام الحسين ع يقول من الادب انه من الادب الإلهي اذا خرجت من بيتك ورايت احد في الطريق حتى ولو كان كافرا ولو كان فاسقا فاجرا ان تقول هو افضل مني ولا ترى نفسك افضل من غيرك لاننا لانضمن اخر نفس من انفاسنا في هذه الدنيا لاننا لا نعلم بعاقبتنا وعواقب امورنا كيف تكون الخاتمة والعاقبة ولهذا ورد في الدعاء ان تكثر هذا الدعاء اللهم اجعل عاقبة امري خيرا اللهم اجعل عواقب امورنا خيرا في اخر كلماتنا حول هذا الموضوع نقول لقد ورد في زيارة امين الله انك تقول اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة وسبل الراغبين اليك شارعة فقلب المخبت دائما في حالة وله وشغف وانقطاع من الدنيا وزخارفها وزبارجها انقطاع كامل لله سبحانه نسألك اللهم وندعوك ان تجعل قلوبنا قلوب واعية قلوب مطمئنة قلوب مخبتة اللهم طهر نفوسنا من الشرك والرياء والحسد والنفاق اللهم غير سوء حالنا بحسن حالك ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا اللهم عجل لوليك الفرج واجعل فرجنا مع فرجهم يا ارحم الراحمين والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.