24- منزل الاخلاص

24- منزل الاخلاص

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ 1 لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ 2 وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ 3 وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ 4 وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ 5 لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ 6)

وقال عز من قال (فبعزتك لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)
صدق الله العلي العظيم

صلوات على محمد وال محمد

موضوع المحاضرة باب الاخلاص وهو المنزل الرابع والعشرون من مائة منازل من كتاب منازل السائرين للمرحوم الشيخ عبدالله الأنصاري (رضوان الله عليه )
الشيخ يقول في باب الاخلاص يستشهد بآية من القرآن  قال الله عز وجل (أل لله الدين الخالص )
ثم الشيخ يعرّف الاخلاص بجملة مختصرة :وهي أنّ الاخلاص تصفية العمل من كل شائبة، أن تخلص أعمالك لله سواء كانت  عبادية أو غير عبادية حتى  الأعمال السياسية الاجتماعية العائلية الفردية أي عمل من الأعمال عندما يصدر من السالك يريد أن يجعل جميع أفعاله وأعماله قربة لله سبحانه  يعني ما يريد يخصص فقط الصلاة أو الصيام أو الحج لا لا السالك هو يعشق ربه ويريد أن يكون في حال الصلاة  في جميع أحواله يعني الحالة الحضورية التي تحصل في الصلاة  هو يريد يداوم على هذا الحال من الحضور في جميع  حركاته وسكناته فعندما يذكر كلمة  عمل لا نتصور هو عمل مثل الصلاة وغيرها من الأعمال العبادية إنّما كل عمل من الأعمال .
العمل الذي يكون خالص صافي من كل ريب ومن كل شائبة ومن كل شك ومن كل رياء ترائي به غير الله سبحانه وتعالى في أفعالك و أعمالك هذا العمل الخالص هو المقبول عند الله وهو على ثلاثة درجات هذا العمل الخالص المصفى من الشوائب ينقسم إلى ثلاثة أقسام :حسب السالكين لأن السالك قد يكون مبتدئ ،أو خاص أو سمّي متوسط ،وقد يكون أخص الخواص الذي هو في نهاية الطريق
الدرجة الأولى: إخراج رؤية العمل من العمل ،والخلاص من طلب العوض على العمل ،والنزول عن الرضى بالعمل .

السالك في بدء سلوكه عندما يصلي لله يجب أن لا يكون معجب بصلاته وعمله لله لا يرى عمله ثم أيضا لا يطلب عوض من الله لأن المخلص لله عمله حر  كما قال مولانا علي (عليه السلام) منهم من يعبد الله لأجل أن لا يدخل جهنم فمثل هؤلاء عبادتهم عبادة العبيد ومنهم من يعبد الله وينوي في عبادته أن يدخل الجنة فالامام علي عليه السلام يسميهم  هؤلاء بعبادة التجار لأن التاجر إنما  يسافر للتجارة ويتجر لأجل أن يحصل على عوض ويكثر ماله ،ثم يقول المولى المطلوب هو عبادة الأحرار الذي لا يعبد خوفا من ناره ولا طمعا في جنته إنما يعشق ربه وعبادته لله سبحانه فهو حر من كل هذا النيات التي تجدها في عموم الناس هنا أيضا الشيخ الأنصاري يقول الدرجة الأولى بالنسبة
للسالكين أن لا يطلبوا عوضا لله بل يعملوا الأعمال حبا لله سبحانه والنزول عن الرضى بالعمل هذا أيضا شرط في الاخلاص النزول عن الرضى بمعنى أنه لا يرضى بعمله هذا مثلا بالنسبة للصلاة اليومية عندما يصلي و يخلص من صلاته يقول يا رب هذه صلاتي بقدري لا بقدرك هذا صلاتي لا أرضى بها أن تكون هي المطلوبة مئة بمئة بل فيها ما فيها من نواقص هذه بالنسبة للفئة الأولى وهم السالكون المبتدؤون  .

وأما  الدرجة الثانية يعني الخواص من السالكين وليس الأخص هولاء أعمالهم وعباداتهم تحتوي على هذه الأمور الثلاثة :
اولاً:  الخجل من العمل مع بذل المجهود يعني مع أن السالك يبذل كل جهده في أن يجعل صلاته مئة بمئة خالصة لله  إلا أنه عندما يرى أفعاله وأعماله يراها قاصرة ويخجل كيف يكون هذا العمل وهذه الصلاة مرضي عند الله سبحانه وتعالى
الروايات في خصوص الصلاة عندنا كثيرة منها مثلا إن المصلي ربما لا يقبل من صلاته مثلا الاّ ركعة أو نصف ركعة يعني الملائكة يضعون الصلاة في طبق ثم يصعدون بها بهذا الطبق إلى السماوات والملائكة هناك أيضا ينظرون في صلاة هذا العبد فإذا رأى ولو شائبة في الصلاة من عجب أو مراءاة  ربما لا تقبل عند الله الا العشر أو التسع أو الثمن أو السدس حسب ما يكون هو مصفى في صلاته من كل شوائب  وربما كما ورد في الرواية ربما يأتي النداء إلى الملائكة أن خذوا هذه الصلاة واضربوا بها صاحبها لأنه لم يكن خالصا لله سبحانه .

ثم العلامة الثانية من الإخلاص في الدرجة الثانية هي توفير الجهد بالاحتماء من الشهود  بمعنى أنه يجهد نفسه تمام الجهد بأن  يحتمي من الشهود يعني من المراءاة من أن يرى ولو ذرة في نفسه هذا عمل يقدمه لله سبحانه  .

والثالث من العلامات رؤية العمل في نور التوفيق من عين الجود.  عين الجود وهو الله سبحانه وتعالى والتوفيق يعني يرى ما أتى بها من أعمال صالحة إنما هي  توفيق رباني يعني يرى ذلك فضلا منه وكرماً منه حيث وفقه لأن هناك من لا يوفق لمثل هذه الأعمال، هذا بالنسبة للخواص.

وأما الفئة الأخيرة وهي جماعة خواص الخواص وربما يسمّون بالأخص في مقابل الخاص وهم السالكون في نهاية الطريق
هؤلاء لهم ثلاث علامات: العلامة الأولى  إخلاص العمل بالخلاص  من العمل تدعه يسير مسير العلم إذا نريد أن نمثل بالصلاة نقول المصلي تارة يرى نفسه في صلاته  يقول أنا الذي اصلي وانا الذي أفعل ما أفعل وتارة لا يرى عمله بتاتاً إنما يرى كل ما يفعل من الله سبحانه فاخلاص العمل بالخلاص من العمل يعني أن يخلص عمله أنه هو الذي يفعل هذه الصلاة ويرى التوفيق الكامل من الله سبحانه تدعه يسير مسير العلم يعني تدع العمل يعني تجعل عملك يسير مسير العلم الرباني مو العلم الكسبي لأن العلم على قسمين :علم كسبي تكسبه أنت بنفسك وعلم حضوري لدني من لدن عليم خبير من لدن الله  سبحانه وتعالى هذا اسم العلم اللدني يعني  لدني من الله يعني تجيك فيوضات افاضات غيبية إلهية  فأنت تترك كل عملك لله سبحانه ولا ترى نفسك في أي ذرة مما فعلته هذه العلامة الأولى .
العلامة الثانية تسير أنت مشاهدا للحكم الحكم يعني المنظور من الحكم يعني حكم هذا العمل الذي فعلته يعني مثلا حكم هذا الصيام أو الصلاة فأنت عندما تترك العمل لله وتقول ليس أنا الذي فعلت هذه الصلاة إنما هو فضل من الله إنما  هو توفيق من الله هذا بالنسبة للعلامة الأولى

العلامة الثانية  أنت تقف على جانب وتشاهد ما وفقك الله فيه من أعمال   مثلاً واحد مسويله مؤسسة خيرية المؤسسة الخيرية مو انت اللي مسويها تجي وتوقف على باب هذه المؤسسة وتنظر إلى هذه الطوابق من مسجد من حسينية من مستوصف من كذا كذا
يعني  فقط أنت  تنظر إلى هذه المؤسسة وتعلم انك لم تفعلها  كذلك بالنسبة للصلوات اليومية  أو العبادات أو أي عمل خيري أنت فقط كمشاهد كشخص تنظر إلى عملك  وتكول كله من الله  هذ كلها من الله

حراً من رق الرسم هذه  العلامة الثالثة  العلامة الثالثة من إخلاص الخواص الخواص أن يكونوا أحرارا من الرسومات
الرق يعني هذا العبد نسميه رق تعرف في زمن الغزوات والحروب الإسلامية مع الكفار كانوا يأسرون الواحد ويجيبوا ويصير هذا عبد للمسلم  هسه إما بشراء العبيد أو كان هو  حاضر في الحرب وانطوا هذا الأسير وقالوا له هذا عبد لك تربي عندك  وبعدين تحرره  مو تخلي عندك  دائمي  هذا العبد عبد مو حر.  الرسومات العبادية يعني اذا كنت انت تفعل الخيرات والأعمال كرسم من الرسومات يعني شلون رسوم  يعني عادة من عادات  المجتمع المسلم المؤمن أنهم  يفعلون مثل هذه الأعمال وانت هم تمشي على الظواهر فهذه الظواهر الرسمية المعتادة عند الناس هذه تعتبر رق تعتبر رق يعني أنت مسترق في هذه العادات  وانت لست حرا  من رق الرسومات متى تكون حرا  من رق الرسومات؟ عندما تجاهد مع نفسك الجهاد الأكبر وتدخل  في ميدان النفس المطمئنة وتكون يعني مخلَصاً لا مخلِصاً شوف عندنا مخلَص ومخلِص المخلِص من يعمل في طريق الاخلاص ليكون مخلَصا في المستقبل أما  المخلَص فقد خلص تماما ولهذا الشيطان يگل لله (فبعزتك لاغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلَصين ) فالإغواء دائما موجود مع الانسان إلاّ اللي يخلص من يد الشيطان ويكون خالص مخلص ذاك بعد ما يكدر عليه الشيطان والوساوس النفسانية  وكذا   فإذا صرت حرا من أهواء نفسك حرا من وساوس الشيطان حرا من العادات الاجتماعية يعني لم تعمل الصلاة لاجل أنك صرت معتاداً تگوم لصلاة الليل لصلاة الصبح تفعل كذا و كذا  حتى اكو منهم من جماعة المصلين اذا ما يصلي مثل هذا  خل نمثل احسن  شوف مثل هذا المعتاد على الترياق شنو تسموه ترياق أو المخدر أو مثل هذا المعتاد على شرب الخمر هذا معتاد يعني  اذا ما يسكر ما يشرب مريض ما يكدر فهذه ممكن تدخل العبادات مثلا  فأنت لك عشرين سنة ثلاثين سنة تصلي تگوم صلاة الليل وصلاة صبح وظهر وعصر ومغرب وعشاء  فإذا أنت
مثلا يوم من الأيام أو صلاة من الصلوات الخمسة  إذا ما تصلي تشوف حالك مثل هذا المسكين اللي ما يشرب هل أنت تصلي لأنك معتاد على الصلوات أو أنك تصلي كآخر صلاة من صلواتك لهذا  ورد الحديث (صل صلاة مودع) كآخر صلاة  يعني مو صلاة معتاد عليها يعني إذا ما تصلي تتأذى تتأذى نفسيا  ها مو روحياً معنوياً تتأذى نفسيا لأنك معتاد عليها وهذا كلش من السالك في طريق الله مثل هذه الأعمال إذا كانت بنية أنه هو معتاد ويصلي لأجل هو معتاد هذا ما بيها قربة ولا بيها نية خالصة لله إنما هي لأجل عادة  شنو تسمونها عندكم لها اسم عندكم ها روتين يعني يكوم يصلي الواحد روتين فإذن كلمة  حرا من رق الرسم يعني لا يكون ذلك  لأجل عادة وإن كانت هي عادة حسنة هي عادة عبادية وعادة  حسنة لا عادة سيئة  مثل شرب الخمر  لكن هذا غير وارد عند الخواص عند الخواص نيتهم خالصة من كل شائبة  .
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم  لمثل هذه النيات الخالصة وأن يجعلنا وإياكم مخلَصين لا مخلِصين مخلَصين في الله سبحانه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تمهید لتدریس منازل السائرین آیة الله محمدصالح الکمیلی الخراسانی

جدول المحتويات