25- منزل التهذيب

25- منزل التهذيب

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
قال تعالى {فلمّا أفل قال لا أحب الأفلين}
التهذيب محنة أرباب البدايات وهو شريعة من شرايع الرياضة.
وهو على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى: تهذيب الخدمة : أن لا تخالجها جهالة ، ولا تسوقها عادة ، ولا تقف عندها همة.
الدرجة الثانية : تهذيب الحال : وهو أن لا يجنح الحال إلى علمٍ، ولا يخضع لرسمٍ، ولا يلتفت إلى حظٍ.
الدرجة الثالثة: تهذيب القصد: وهو تصفيته من ذلّ الإكراه ، وتحفُّظه من مرض الفتور، ونصرته على منازعات العلم.
هذا المنزل يختص بتهذيب النفس والشيخ الانصاري في كل باب من أبواب هذا الكتاب قبل أن يفصل في الموضوع يجي يذكر آية قرآنية بما يتناسب والمنزل الذي يذكره ، مثلا في الأسبوع الماضي في درس الاخلاص جاب آية من القرآن (الا لله الدين الخالص), أو اللي قبله باب الحرمة جاب آية من القرآن قوله تعالى ( ومن يعظّم حرمات الله فهو خير له عند ربه) ، وگبل منه باب المراقبة هم جاب آية بمناسبة المراقبة قوله تعالى (لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة ) .
فبالنسبة إلى هذا المنزل  اللي نريد نوضحه  الليلة وهو التهذيب ذكر اية
تختص بالمعرفة الإلهية التي قضاها نبينا ابراهيم الخليل عليه سلام الله وعلى جميع الأنبياء وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الآية التي يذكرها الشيخ الانصاري المتناسب مع التهذيب هو قوله تعالى (فلمّا أفل قال لا أحب الأفلين) قال من هو القائل ؟ هو ابراهيم الخليل قال لا أحب الأفلين ، لابد مرّ عليكم قصة ابراهيم  حيث أنه مثلا  يرى نجم فعندما النجوم تغيب عن نظره يقول لا أحب الأفلين الأفول هو أن يغيب عن النظر هذا هو الأفول ، ثم يرى قمرا فيغيب فيقول هذا ليس رب لأنه من الأفلين، ثم يرى شمسا وينتظر فالشمس تغرب فيقول لا أحب الأفلين ،إلى أن يگضي هذه المراحل ويصل إلى الذات الإلهية المقدسة عند ذلك يقول: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ) فإذن إبراهيم من مرحلة إلى مرحلة لمرحلة إلى أن يصل إلى الله سبحانه .
المناسبة بين التهذيب  وبين المفهوم من هذه الآية القرآنية  المناسبة هي أن التهذيب أيضاً له مراحل ومراتب تگضي مرتبة تجيك الثانية تگضي الثانية يجيك الثالث إلى أن تصل إلى معرفة النفس إلى الله سبحانه ، فالتهذيب لا يقف له حد وإن كان هذا التهذيب في المرحلة الابتدائية لأهل البدايات لكن مع ذلك التهذيب له درجات.
يقول في تعريف التهذيب : التهذيب محنة أهل البدايات المحنة يعني المصيبة التي تواجهها أنت في حياتك محنة ومصيبة داخلية نفسية روحية لأن يريد يهذب نفسه من كل الشرور ومن كل الوساوس فهذا له صعوبة وبلاء عظيم فلهذا  يقول التهذيب هو محنة وبلاء وامتحان لأهل البدايات في طريق السير والسلوك إلى الله  لأن الما يهذب نفسه كيف يريد يدخل في ميدان معرفة النفس ، اللي بعده ما مهذب نفسه ها ونفسه مشغول بالمعاصي والذنوب والأخطاء  هذا كيف يدخل في باب توجه إلى الله ومعرفة الله هذا هواي يريدله ، لذا يكول هذه محنة يجب أن يصبر عليها يثابر عليها هذا التهذيب ليصل إلى مرتبة عالية .
ثم يقول :وهو شريعة من شرايع الرياضة.
الرياضة هي الرياضة النفسية  يعني الرياضة النفسية لأهل السلوك لهم شرائع ولهم أبواب مختلفة فمن أبواب الرياضة التهذيب، فالتهذيب هو رياضة طبعاً فالتهذيب هو رياضة نفسية .
وهو على ثلاث درجات
أما الدرجة الأولى : فهي تهذيب الخدمات يعني الأعمال والأفعال التي يقوم بها السالك تجاه ربه ، فالخدمة خدمة أعمال وأفعال .
أمّا الحال فهي أعلى  من الأفعال ، يعني الاعمال الصالحة شيئا فشيئا تحول السالك إلى أن يصير عنده حالة عرفانية ، فإذا انتقل إلى تهذيب الحال من تهذيب الأفعال إلى تهذيب الاحوال ينتقل إلى درجة أعلى وهي الدرجة الثالثة وهو تهذيب القصد والنية هذا طبعا يكون أشدّ من تهذيب الأفعال والأحوال  لأنه أنت تريد تهذب حتى النيات الخفية في القلب وتهذبها وتخلصها من الشوائب  من أي شائبة ورياء وتكون في نيتك خالصا مخلصا مهذبا لله سبحانه .
فإذن نحن عرّفنا الدرجة الأولى من التهذيب ثم الدرجة الثانية ثم الثالثة لكن لكل درجة من هذه الدرجات علامات، يعني كيف تعرف أنك قد هذبت خدماتك الفردية والاجتماعية والعبادية والإلهية كل خدمة صدرت منك تكون هذه الخدمة مهذبة مهذبة  كيف تعرف أنها مهذبة؟
تعرفها من هذه الطرق الثلاث :
العلامة الأولى: أن لا تخالجها جهالة :يعني عندما تقدّم لله سبحانه صلاة أو صيام أو أي عمل مفيد وخيّر هذا العمل  يجب أن تعرفها بحذافيرها أن تعرف الأعمال المقربة لله قبل أن تفعلها تعرفها من رسالة المرجع من الأحكام الدينية أما تكوم تصلي هيج  وما تعرف الأحكام هاي شنو الفائدة منها ،فإذن كلما تقدّم من خدمة قبل أن تدخل فيها عليك أن تعرفها بحذافيرها أن لا يخالج هذه الخدمة أي جهالة تكون على علم وبصيرة فيما تفعله ، ولا تسوقها عادة هذا الخدمة التي تصدر من السالك يجب أن لا تكون من جهة أنه تعود عليه بل يكون من باب أنه  الآن يريد أن يبدأ بالعمل الآن يبدأ بالعمل ، يعني يحضر نفسه أنه الآن يريد يجيني عزرائيل ويقبضني وهاي آخر صلاة أريد ان أصليها مو اني متعود من سنوات اصلي فإذن أن لا تسوقها عادة .
الثالث من العلامات أنك تعرف ان أفعالك  كلها مهذبة لله أن  لا تقف عندها همة، الهمة تعلو شيئا فشيئا لكنّك قد تكون في هممك واهتمامك بأي عمل من الأعمال  قد تقف إلى حد  من الهمة ،  يقول  لا تقف في همتك انت اضرب الهمة همة وهمة خل تعلو الهمم يعني كل يوم تكون لك همة تزيد من همتك في أن تفعل الخدمات لله سبحانه، فعلوّ الهمة شرط في كثرة الخدمات وتهذيب الخدمات ، يعني اللي ما له همة أو له همة معينة هذا ما يجي يدقق في أعماله ليش لأن ما له همة  أو له همة لكن مقصورة ومحدودة ، ولكن إذا هو صار شيئا فشيئا يهذب العمل ويعلو من همته وجده واجتهاده في ذلك الوقت يطلع العمل  عمل مهذب هذا بالنسبة للأعمال والأفعال .
نأتي إلى الدور الثاني : الدور الثاني يكلك تهذيب الحال: يعني السالك له أحوال خاصة عرفانية مع الله ، فهذه الحالات اللي تعرض على السالك هذه الحالات يكلك إذا تريد تهذب أحوالك  المعنوية والروحية مع الله فمن شروط التهذيب أن يصير عندك  هذه العلائم  الثلاث:

العلامة الأولى من تهذيب الأحوال السلوكية العلامة الأولى  : هي أن لا يجمح الحال إلى علم -وفي نسخة أخرى لا يجنح- يعني لا يميل حاله إلى العلم ، العلم المنظور من العلم العلم الشخصي يعني من غير استاذ  يعني هو أحواله هو بيده بنفسه يغلط ويصوب يغلط ويصوب يعني شلون ؟ مثلا في أحواله يشوف فد منام في أحواله يشوف فد مكاشفة، فهو يجي يعبّر من نفسه  يعبر منامات من نفسه يعبر مكاشفات ، أن لا يجنح حاله إلى علمه الشخصي بل يعول على استاذه ؛ لأنه هو  بعده  ما صاير استاذ زين شلون هذا يكدر هو يعرف أحواله أنه هذا حالته شيطانية نفسانية أو حالته روحانية إلهية شلون حاله  من غير استاذ شلون راح يعرف لهذا يكول أن لا تجنح أحواله إلى علومه الشخصية هذه العلامة الأولى .
العلامة الثانية أن حاله لا يخضع لرسم من الرسومات من العادات .
الثالث أن لا يلتفت إلى حظ من الحظوظ إذا مثلا افرض أنه كام إلى صلاة الليل بعدين صار عنده  من صلاة الليل حظ نفساني، يعني هو كال زين أنا  شايف نفسي بهاي صلاة الليل هواي من اللي ما يكومون من النوم وما يصلون  صلاة الليل أنا اللي كمت أنا اللي سويت أنا كذا  وكذا   زين هاي حظوظ نفسية فإذا يجب أن يهذب أحواله من الحظوظ النفسية ولا يلتفت إليها ، هذا بالنسبة لتهذيب الأحوال.

أولاً ذكرنا تهذيب الأعمال والأفعال ثم ذكرنا تهذيب الأحوال و الحالات العرفانية والروحية، علينا أن نذكر الأعلى من الجهتين .
الدرجة الثالثة: تهذيب القصد يعني تهذيب النية فشلون نيات السالك تتهذب  من أي شائبة شلون ؟ لهذا الأمر ثلاث علامات :
وهو تصفيته من ذلّ الاكراه. العلامة الأولى يشوف حاله وكت اللي يكوم وينوي ويريد يصلي- مثلا- من باب المثال أو أي عمل آخر  من يريد ينوي و يدخل بالصلاة  هل عنده اقبال في صلاته  أو عنده  إكراه إدبار ، فإذا يشوف حاله  عنده في قلبه إقبال لهذا العمل فهذا يظهر أنه قد  تصفى في نيته وقصده لله لأنه هو عندما يدخل في الصلاة يصير عنده عشق وشوق لله سبحانه وتعالى وفرح قلبي وهذا كله يدل على أنه نيته خالصة من أي إكراه نفساني .
العلامة الثانية تحفظه -الضمير يرجع إلى القصد- من مرض الفتور، الفتور: يعني مثلا من يريد يكوم لصلاة الليل يصير عنده فتور ، من يريد يصلي من يريد يعمل أي عمل من الأعمال المقربة إلى الله يشوف حاله تعبان وكسلان فد حاله يعني هيج هذا يدل على عدم التهذيب ، لو كان مهذب نفسه هذا كان يقوم من شدة عشقه وشوقه للعبادة .
الثالث من العلامات نصرته على منازعات العلم ، زين المنازعات شلون تصير مع النية ؟
هذه المنازعات إذا أردنا أنّ نفصلها فعلينا أن  نبيّن أنّ العلم الشخصي العلم الشخصي بالعبادات وبالأعمال من غير أستاذ من غير شخص يبينله ، تعرف مثلا  ابن طاووس يكلك انت من تريد تصلي مو بس تكول قربة إلى الله مو بس تكول قربة إلى الله. الله أكبر ، يكول القصد والنية يجب أن تكون كشخص حر من الأحرار يعني لا يجي بفكره لا جنة ولا نار ولا أي شيء إنما عشق وحب إلهي هذا هو  النية الخالصة ،عند ابن طاووس يشترط أن يكون نية الحج نية الصوم نية  الصلاة كل نية في العبادات تكون خالصة من الشرك الخفي إذا كانت خالصة من الشرك الخفي فهذا نعم يكون عنده نية عالية ، فالمنازعات العلمية اللي تجي  ها تقف أمام القصد المهذب هذه كون تشيلها  فإذا شفت هذه الحجب ترتفع هذه الموانع ترتفع وتكون نية قلبية  صافية خالصة عاشقة لله  عند ذلك تطمئن بأن  نيتك مهذبة من كل شائبة ، هذا هو  الذي بيّنه الشيخ الأنصاري في درجات التهذيب .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمثل هذا التهذيب وأن يهذب أفعالنا واحوالنا ونياتنا  من جميع الشوائب إنه ارحم الراحمين والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .

تمهید لتدریس منازل السائرین آیة الله محمدصالح الکمیلی الخراسانی

جدول المحتويات