33- منزل الشكر

33- منزل الشكر

منزل 33 ( الشكر )
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين من الان الى قيام يوم الدين اللهم وفقنا ووفق المشتغلين بالعلم والعمل الصالح نحن في شهر شعبان وشعبان سمي شعبان لان الخير فيه ينشعب على المؤمنين ومن شعب الخير ان نذكر منازل السير والسلوك فقد وصلنا الى المنزل الثالث والثلاثين وهو باب الشكر قال الله عز وجل { وقليل من عبادي الشكور } الشكور على وزن فعول من اوزان المبالغة ، فعيل فعال ، فعول ، هذه اوزان ، ذكروها في مبالغة الشيء فانت عندما تشكر ربك كثيراً تكون شكوراً ولكن الاية الكريمة تقول : ان الشكورين هم اقلاء من عباد الله ، ثم قال الشكر اسم لمعرفة النعمة لانها السبيل الى معرفة المنعم متى يكون العبد شاكرًا عندما يرى النعم من الله سبحانه وتعالى حتى ولو اتعب نفسه في تحصيل النعم وكلفه ما كلف الا ان اصل النعمة اي نعمة كانت فالمصدر هو الله سبحانه وتعالى ، اذن انت بامكانك ان تعرف المنعم جل وعلا من اثر نعمه ، مثلاً الفواكه ملونة بالوان متعددة وبذوق متعدد وبفوائد متعددة عندما تفكر وانت تاكل هذه النعمة يحصل في قلبك محبة لله سبحانه ، قال النراقي وهو صاحب كتاب ( معراج السعادة ) وايضاً صاحب كتاب ( جامع السعادات) كلهم اجمعوا على ان احد سبل محبة الله في قلب العبد هو ان يعدد نعم الله ، سواء كانت هذه النعم في نفسه في جسده في روحه او خارج عن جسده النعم لا تعد ولا تحصى قالوا ان احد سبل العشق الالهي والمحبة الالهية ان تذكر نعم الله واحداً بعد اخر ولهذا المعنى سمى الله تعالى الاسلام والايمان في القرآن شكرًا ، يعني الاسلام والايمان من نعم الله سبحانه ، لا تمنوا عليٌ اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان والفرق بين الاسلام والايمان ، ان الاسلام يعني ان يقول : اشهد ان لا الله الا الله ، اشهد ان محمداً رسول الله ، الشهادتان الكافر اذا قال هاتين الكلمتين اسلم لله وصار مسلماً ، الا انه في ما بعد يجب ان يستمر في العقائد الاسلامية ويعتقد بالمعاد يعتقد بما انزل الله سبحانه وتعالى ويؤمن بكل ما ورد في القرآن الكريم والايمان ايضاً له درجات اذا هناك فرق كثير بين الاسلام والايمان الله سبحانه وتعالى سمى كل هذا بالشكر ، افحصوا عن هذا الاسم اين ورد في القرآن ، انا لم يحصل ليٌ مجال اطلب منكم ان تفحصوا عن الآية القرآنية التي سمى الله الاسلام والايمان ( شكراً ) اين هذه الاية ، ثم يقول ومعاني الشكر ثلاثة اشياء : معرفة النعمة ثم قبول النعمة ثم الثناء بها ، اذا اردت ان تشكر ربك على نعمه اولاً يجب ان تعرف النعمةً تعرفها بحقها وانها دليل على المنعم جل وعلا ثم تتقبل النعمة اي تتحقق عندك النعمة فعندما تحصلها وتحققها وتقبلها وتلمسها اي نعمة كانت من الاطعمة والاشربة واي نعمة ، من الالبسة فعندما تقبلها وتلبس اللباس ترى اثر نعمة الله على نفسك ، ان الله جميل ويحب ان يرى اثر النعمة على عبده ، ثم الثناء بها ، المرتبة الثالثة من مراتب النعمة ومن معاني الشكر وانك بعدما عرفت حقيقة النعمة وبعدما حصلت على تلك النعمة ، اذن عليك ان تشكر  ربك وتحمد الله سبحانه وتعالى على مثل هذه النعم الجليلة والعظيمة ، ثم قال وهو ايضا من سبل العامة ، اي ( الشكر )  من اخلاق العامة وليس من اخلاق الخاصة يعني العامة ايضاً يفهمون، عامة المؤمنين يفهمون ان النعم من الله سبحانه وتعالى وانه يلزمهم ان يشكروا ربهم ، ثم يقول وهو على ثلاثة درجات : درجة اعلى من درجة ، اما الدرجة الدنيئة الاولية ( الشكر )  في  المحاب يعني هناك محاب وهناك مكاره وهناك ايضاً ان لا يرى العبد لا المحاب ولا المكاره بل يرى الله في كل شي ، هذه درجات ثلاثة في معاني ( الشكر  )، اما الدرجة الاولى وهي (الشكر ) في محاب النفس يعني نفسك قد تحب اشياء وقد تكره اشياء ، فاذا ورد عليك من الله ما تحب له شكر ولكن هذا ( الشكر ) اضعف من ( الشكر)   فيما ورد عليك من مكاره ومصائب وبليات ، (الشكر ) في المكاره هو اقوى واعلى ، من درجة ( الشكر )  في المحاب لان المحاب هي سهلة ونفسك تحب مثل هذه الامور ، وايضا يقول هذا شكر شاركت المسلمين فيه اليهود والنصارى والمجوس ، يعني هؤلاء النصارى المجوس ، هؤلاء ايضا يشكرون الله على ما تنزل عليهم من نعم ومن اشياء يحبونها مثلاً انت تملك سيارة انت تملك بيت انت تملك اموال جمة وكثيرة هذه خوب امور سهلة و الانسان يتنعم في هذه النعم الربانية ، لكن هل انت تشكر ربك اذا مثلاً ورد عليك بلاء،  مصيبة ، مرض ، فقر هل تشكر ربك ام لا تقتصر الشكر على المحاب ، المحاب حتى اليهود والنصارى والمسيحيون والمجوس كلهم يفرحون بمثل هذه النعم ويشكرون ربهم ، فما الميزة بينك وبينهم ، فما الميزة ؟! ومن سعة بر البارئ انه عده ( شكراً ) ، هذا من كرم الباري انه مثل هذه الامور المطلوبة عند الناس المطلوبة عند عموم الناس ، حتى عند اليهود ، ولكن الله سبحانه وتعالى اذا شكرت ربك على حتى مثل هذه النعم ، فانت تعتبر شاكر عبد شاكر لله ، بحيث ان الله سبحانه وتعالى يقول ( لئن شكرتم لازيدينكم) وعد عليه زيادة لازيدنكم واوجب له المثوبة ، اذن مثل هذا الشكر يعتبر درجة ضعيفة و الدرجة الاولى من درجات الشكر اما الاهم فهو الدرجة الثانية حيث يقول الشكر في المكاره نفسك تكره من شيء وانت تصبر عليه لانك ترى ذلك من عين الله سبحانه من رضى الله كما قال الحسين ( هوّن علي ما نزل بي انه بعين الله ) ، في مصيبة علي الاصغر انه بعين الله وهذا ممن يستوي عنده الحالات اظهار الرضى ، هذا مبتدا اظهار الرضى خبر جملة اسمية هذا اشارة الى ان الشكر في المكاره والمصاعب لا يحصل من اي شخص بل انما يحصل من الذي يستوي عنده الحالات ، حالة ما يرد عليه مما يحب وحالة ما يرد عليه مما يكره فاذا استوت الحالات عنده اظهر الرضا بما ورد عليه ، وممن يميز بين الأحوال كظم الشكوى ورعاية الادب وسلوك مسلك العلم في الجملة السابقة قال الذي لا يميز بين احواله الذي يستوي عنده جميع الحالات من صحة ومرض من فقر وغنى من جميع الحالات من شدة ورخاء هذا الذي يستوي عنده جميع الحالات هذا لا يرى لنفسه سوى الرضا بما انعم الله عليه ،  لا يفرق بين ما يكره وبين ما يحب ، لانه يرى ذلك من محبوبه وهو الله سبحانه وتعالى ، فالمحبوب لا يرى لحبيبه غير ما يكون لصالحه ، اما الذي يميز بين الاحوال فاذا سالته اي حالة من الحالات ، حالة ( الشكر) في المكاره صف لي ( الشكر ) في المكاره كيف يكون ؟ ، يجيب لك العلائم شلون  ويجيب لك انه كيف يكون الانسان في هذه الاحوال ، اما الذي يستوي عنده الحالات فهو مشبع من حالة الرضى لا يرى لنفسه اي ميزة فكيف تسأله وكيف يجيب الجواب عليك طالما هو مسكر برضا الله سبحانه مسكر يعني هو في حالة سكر في حالة غيبة عن نفسه اذا كان في غيبة عن نفسه و درجته عالية بحيث انه يرى المحبوب في كل شيء. ووصل الى مرتبة من الايمان مرتبة من المعرفة بحيث آمن بأن المحبوب لا يرى ولا يحكم ولا يقدر لحبيبه الا ما هو المحبوب الا ما هو يكون في صالح هذا الحبيب ، اما الذي يميز بين الاحوال اذا سالته قال لك نعم ، الذي يشكر ربه في المكاره فمن علائمه ان يكون كاظم الشكوى ، يعني كيف ؟ يعني لا يشتكي من ربه لخلقه ، كل ما ورد عليه من مصاعب يراها محبة الهية ومثل اي حلاوة يقولون اولياء الله يستقبلون البلاء يستقبلون ويتحلون بالبلاء ، ويرونه حلوى ، حلوى البلاء يرونه في انفسهم عندما ( يجيهم مكروه ويجيهم ) على كل حال بلاء يرون ذلك حلواء ، فالذي يميز بين الاحوال قلنا يكثر الشكوى من الله عند خلقه ، وايضاً يراعي الادب مع الله سبحانه وتعالى فمن الادب ان لا يشتكي وان يرى البلاء شيئا مطلوباً وسلوك مسلك العلم واليقين يعني هو بهذا ( الشكر ) في المكاره سلك مسلك اليقين والعلم بالله سبحانه ، طبعاً اليقين هم على درجات ، علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ، فاذن هو من هذه المراتب المعنوية يتعلا شيئاً فشيئاً ويعلو عند ربه وهذا الشاكر اول من يدعى الى الجنة ، اما الدرجة الثالثة: ان لا يشهد العبد الا المنعم، العبد قد يشكر ربه فيما يحب وقد يشكر ربه فيما يكره ويميز بين المكروه والمحبوب الا ان الذي قد عبر عن هذا المحاب والمكاره ووصل الى اصل النعمة وهو الله سبحانه وتعالى وتعلق بالمنعم وتمسك بالله سبحانه واعتصم به فعينه عين الله وسمعه سمع الله وجوده وجود الله اذن فهو لا يرى غير المنعم في جميع احواله وحركاته وسكناته ومعيشته وسجوده وركوعه وقيامه وقعوده وجميع حالاته لا يرى الا المنعم من زيادة العشق والمحبة اذن هذه تكون درجة اعلى من الشكر في المحاب والشكر في المكاره ، هذا اصلاً لا يتوجه الى المحاب ولا الى المكاره هذا متعلق بالله سبحانه وتعالى فاذا وردت عليه نعمة ، قد تكون من جهة عبادة ، وقد تكون من جهة محبة وقد تكون من جهة ( التفريد) سوف نبين(  التفريد ) ما معنى ( التفريد ) فاذا كانت النعمة من باب العبودية لله سبحانه وتعالى حيث انه عبد لله وورد عليه نعمة فيرى المنعم و يستعظم النعمة لانها نزلت من عند المنعم يستعظمها هذا الذي مشغول بعبادة الله ولكن الذي لا يرى النعمة من حيث انه عبد لله سبحانه وتعالى بل يرى النعمة من حيث انه محب لله سبحانه فاذا كان عاشقاً لله ثم ورد عليه عند ذلك لا يفرق بين الرخاء والشدة ، فاذا ورد عليه الشدة ايضاً يستحلاها كما يستحلي  الرخاء ، هذا طبعاً اقوى درجة من العبودية ، يعني هناك عبودية صرفة وهناك عبودية محبة وعشق لله ، وهناك ايضاً اعلى من العشق والعبودية وهو ان تتفرد بالله سبحانه ، ان تتفرد بقلبك لله ، ولا تشهد غير الله ، فاذا كنت مشغولاً بالله سبحانه لا ترى شدة ولا ترى رخاءاً ولا ترى نعمة لانك مشغول بالحبيب مشغول بكل وجودك بكل ما تملك انت مشغول بالحبيب ، كيف تنشغل بالحبيب ؟ بنعمه بالشدة بالرخاء بالبلاء ، بالكذا … ، انت اصلاً عندك سكر بالله انت مستغرق في ذكر الله كيف تلتهي عنه بغير الله
هذا ما اردنا توضيحه بالنسبة الى باب (الشكر ) ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
والحمد لله رب العالمين .

تمهید لتدریس منازل السائرین آیة الله محمدصالح الکمیلی الخراسانی

جدول المحتويات