34- منزل الحياء
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
ايها الاخوة نحن نتابع المنازل التي هي في الفصل الرابع من الكتاب وهو فصل الاخلاق يعني هذا الصفات الاخلاقية يجب علينا ان نتخلق بها في انفسنا لقد ذكرنا في ما سبق ثلاث منازل وهي الصبر والرضا والشكر وبقي من الفصل الرابع سبع منازل هي الحياء ثم الصدق ثم الايثار ثم الخلق ثم التواضع ثم الفتوة ثم الانبساط
والان نذكر لكم المنزل الرابع والثلاثين من اول الكتاب
وهو منزل الحياء وله ثلاث مراتب
المرتبة الاولى تختص بالمبتدئين الثانية المتوسطين والثالثة بالمنتهين والشيخ الانصاري يستشهد بآية من القرآن الكريم وهو قوله تعالى الم يعلم بأن الله يرى مقتضى مضمون هذه الآية الكريمة هذا المقتضى والمفهوم اذا تمعنا في المعنى يولد الحياء لان الله يقول عبدي الم تعلم انني اراك في نياتك وفي اعمالك وفي اقوالك وفي جميع الحركات والسكنات اذن عليك ان تجعلني رقيب على الفعل والقول اذا اردت ان تستملك الحياء في نفسك عليك ان تكرر هذه الآية *الم يعلم بان الله يرى* يارب انت تراني وعلي ان استحي منك مثلا واحد مسوي خلاف بالامن الداخلي يجي يحطون عليه مراقب شرطة ان يراقبه ليجيب خلاف يخل بالامن طالما الشخص وياه ويمشي منا ومنا فهو يراعي لان راح يكتبون عليه خلاف ويعاقب. السؤال هل من رقيب اكبر واعظم من الله سبحانه الذي خلقني ورزقني واعطاني ما اعطى؟! ليس من الحياء ان استحي منه حين يراني في جميع حركاتي وسكناتي؟! ثم يقول الشيخ الانصاري الحياء من اوائل مدارج اهل الخصوص يعني هذا الحياء ليس من سبل العامة بل من اخلاق الخاصة المتخصصين في ذكر الله سبحانه والسالكين سبيله هم الذين يجعلون الله رقيب حاضر ناظر في ما يفعلون و يقولون يتولد من تعظيم منوط بالود الحياء النفسي، يتولد من التعظيم النفساني. وهذا التعظيم لله سبحانه منوط بالود يعني المودة المحبة الالهية يعني اذا كنت تعشق ربك فلا بد من تعظمه في ما تفعل.
وهو على ثلاث درجات: الدرجة الاولى حياء يتولد من علم العبد بنظر الحق اليه. الحياء يقسم الى ثلاث اقسام: حياء عام، حياء خاص، حياء خاص الخاص اما الحياء الاول فهو يتولد من علم العبد بنظر الحق اليه يعني اذا وصل السالك في سلوكه ومعرفته بالله انه سبحانه هو الناظر على اعماله وفعاله اذن يستحي منه ولكن طبعا هذا درجه اولية من درجات الحياء وهناك ارقى من هذه الدرجة وهو الحياء الذي يتولد من النظر في علم القرب اي قرب الله سبحانه يعني كل ما الانسان يتقرب الى المحبوب الى الله يزداد حياء منه سبحانه اذن الدرجة الثانية اقوى من الدرجة الاولى لان تقرب اليه اكثر من الاول ثم هناك درجة اعلى من الدرجتين وهي حياء يتولد من شهود الحضرة الالهية عندما يصل الانسان في مراتب المعرفة وفي قلبه وفي باطنه مع الله سبحانه وتعالى ويشهد الحضرة الجلالية والجمالية لله عند ذلك يستشعر بحياء هذا الحياء يكون اعمق من الحياء الاول والثاني ولكل من هذه الدرجات الثلاثة علائم. الحياء الاول علائم ثلاثة والثاني علائم ثلاثة والثالث. اذا اردت انت تعرف انت في اي مكان من هذه الدرجات عليك انت تجرب نفسك بالاثار والعلائم.
بالنسبة للدرجة الاولى وهو ان تراقب نظر الله عليك. العلائم هي ثلاثة: الاولى تحمل المجاهدة الثاني استقباح الجناية الثالث السكون عن الشكوى فالعبد اذا استحى من ربه واستشعر في روعه وقلبه جلال الله وعظمته عند ذلك ينجذب ان يجاهد مع نفسه الشريرة مع اهواء نفسه لكي لا يفعل ما يسخط الله سبحانه وايضا اذا راد ان يعرف هل هو في مقام الحياء عليه ان يجرب نفسه اذا صدرت منه جناية والمقصود بالجناية المعصية اذا صدرت منه معصية هل يستقبحها هل يوبّخ نفسه في ما فعل من ذنوب ومعاصي فاذا استقبح الذنب يدل على حياء هذه علامة ثانية. العلامة الثالثة يسكنه عن الشكوى لا هو بينه وبين الله يشتكي ولا يشتكي ربه لعباده ما يجي يشتكي عن الله امام خلقه انما يحبس الشكوى في نفسه ويكون صاحب سكينة ولا يشتكي ولا يجزع ولا يفزع ولا يضطرب وهذا من كثرت حيائه اما الدرجة الثانية حياء يتولد من النظر في علم القرب المقصود من العلم ليس الكتابي والدراسي انما العلم النوري والمعنوي واللدني من لدن بصير خبير اذن فهو عندما يتنور ويتقدم في قرب الله سبحانه هذا التقرب يولد في نفسه حياء يختلف عن الحياء الاول فيدعو الى ركوب المحبة ويربض بروح الانس ويكره له ما لابست الخلق اذا كان الحياء من قرب الله فلابد ان يظهر في نفسي اثار الحياء فمن الاثار ان عندما يستحق وهو قريب منه سبحانه هذا القرب والحياء يولد في نفسي عشق وحب الاهي فحياء ممزوج بالمحبة والعشق وايضا من علائم نوعية هذا الحياء ان يستكفي بروح الانس كلمة يربض وردت في نسخة ثانية يستكفي يعني بانسه مع الله لانه قد تقرب منه سبحانه فاذا يستانس بذكر الله عند ذلك هذا الحياء هذا الحياء حياء ارقى من الحياء الاول ممزوج بالعشق والمحبة والانس بالله سبحانه وايضا من علائم نوعية هذا الحياء هوه انه اذا استانس بالله لايستانس بخلق يكره ان يعاشر الخلق الغافل عوام الناس الذين لايذكرون الله بقلوب ومعارف انما يذكرونه بالسنتهم فقط واما الدرجة الثالثة فهو حياء يتولد من شهود الحضرة الربانية هذه الحضرة والخلوة القلبية الباطنية مع الله هذا تولد حياء خاص حياء مميز اعم من تلك الدرجتين مثل هذا الحياء لهو علائم ثلاثه تشوبها هيبة، لا تعارضها تفرقة، لايوقف لها غاية، هذه الدرجة الاخيرة والعالية اذا اردت ان تعرف هل انت قد وصلت الى هذه المرتبة من مراتب الحياء عليك ان تجرب نفسك بان ترجع الى قلبك وترى هل هناك في قلبك هيبة وعظمة وجلالة الاهية هل ان القلب امتلى من هذه الهيبة؟ الهيبة الوحدانية الهيبة العظيمة ثم هل التفرقة وتفرق الحواس الباطنية هل فارقتك هل انت قد توحدت مع محبوبك ثم ايضا هل انت في مراتب هذا الشهود هل ترى حالك و داخل نفسك و بينك وبين المحبوب هل تشهد وترى ان هذه المحبة والعشق وان هذا الحياء الحاصل من شهود الله سبحانه هذا المشهد العرفاني العشقي الالهي في القلب هل اوصلك الى درجة بحيث لم يوقفك على غاية بمعنى انه لا نهاية لمثل هذا الحياء حياء مستمر ومستدام مع المحبوب تستحي بحيث انه ربما يعرض عنك المحبوب ربما ولو لحظة فانت دائما في مراقبة حيائية تعف نفسك من ان يرد المحبوب حبيبه انت في مثل هذا الحال لانك قد شاهدت الحضرة قد شاهدت بقلبك حبيبك فكيف لاتستحي منه كيف تعرض بوجه قلبك عنه انت بصورة مستمرة بحيث لا نهاية له يعني لايقف يعني ليس له حد ان كان الحياء الاول والثاني له حد اما الثالث فليس له حد. انت مستغرق في الحياء مع حبيبك لكي لا يرد نظره عنك ولكي تكون معه في جميع الاحوال مستأنس ومستحي منه سبحانه هذا ما أردنا في شرح كلام الانصاري والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.