37- منزل الخُلق

37- منزل الخُلق

بسم الله الرحمن الحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اعوذ بجلال وجهك الكريم ان ينقضي عني شهر رمضان او يطلع الفجر من ليلتي هذه ولك قبلي ذنب او تبعة تعذبني عليها ، اللهم ان لم تكن قد غفرت لنا في ما مضى من شهر رمضان فغفر لنا في ما بقي منه
أبارك لكم سلفاً ولادة الامام الحسن بن علي المجتبى عليه السلام وذلك في يوم النصف من شهر رمضان اي الليلة القادمة ليلة النصف منه ، نسأل المولى جل وعلا ان يجعلنا من شيعته واتباعه ومواليه ( قال تعالى عز وجل) ( وإنك لعلى خلق عظيم ) صدق الله العلي العظيم.
المنزل هذا هو المنزل السابع والثلاثين من مئة منزل من منازل السائرين للمرحوم الشيخ الأنصاري
الشيخ الأنصاري كعادته في ما مضى وما يأتي من منازل السير والسلوك يستشهد بآية قرآنية حيث ان هذا المنزل هو منزل الخلق او سمه الأخلاق يستشهد بكلام الله حول الخلق والأخلاق حيث يقول سبحانه وإنك لعلى خلق عظيم يعني يا محمد انت تتصف بصفاة واخلاق عظيمة في مكارم الأخلاق . قال هو صل الله عليه وآله اني بعثت لاتمم مكارم الأخلاق ثم المؤلف يعرف كلمة التخلق بقوله الخلق ما يرجع اليه المتكلف من نعته . الأخلاق كلمة جمع مفرد خلق . الخلق الفاضلة التي يحتويها الانسان هي ما يرجع إلى هذه الأخلاق من نعته وصفته يعني المكلف بتكاليف إلهية إذا رجع في نعوته وصفاته إلى ما هو من خلق كريم وفاضل فقد اتصف بالخلق والأخلاق واذا تفرغ من هذه الاخلاق الكريمة الفاضلة فهو ايضا فاقد للخلق واجتمعو كلمة الناطقين في هذا العلم ان التصوف هو الخلق. المراد بالتصوف يعني العرفان المقبول والمطلوب لا التصوف المذموم لان التصوف على قسمين تصوف ورد بالأحاديث قد ذم ذلك التصوف أئمتنا عليهم السلام حيث كان في عصرهم أناس يتصوفون ويعملون بالرياضات الشاقة الخارجة عن حدود الشريعة الإسلامية والأئمة كانوا يقضون ضد هذا التصوف إلى ان هناك  تصرف معتدل تصوف صحيح هذا التصوف إذا انه خلق العرفانية الخلق الفاضلة وجماع الكلام فيه يدور على قطب واحد يعني إذا الخلق الإسلامية ردت ان تجمع التوصيف والكلام حول الخلق بإمكانك ان تجمع ذلك في قطب واحد في جملة واحدة . ماهي هذه الجملة بدل المعروف وكف الاذى هذا هو خلاصة الخلق ان تبدأ بنفسك بقولك بأفعالك  تبذل ما هو معروف غير منكر وايضاً تكف أذاك من الناس .
في اللغه الفارسية عندهم كلمة تقول مرنج ومرنجان  يعني أردت انت ان لا تتأذى عليك ان لا تؤذي الآخرين اذا كففت يدك عن ايذاء الاخريين . المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه إذا حفظت أذاك لغيرك فأنت سليم النفس وانت صاحب خلق لأنك لا تريد مكروه لغيرك كما لاتريد مكروه لنفسك فكما لاتريد ان تتأذى انت شخصيا عليك ان لاتؤذي غيرك  لا بلسانك ولا بحركاتك وأفعالك. يقول الشيخ الأنصاري كيف يتيسر لنا ان نبذل المصاريف وان نكف عن اذى الآخرين كيف السبيل إلى تحقق هذه الصفة التي هي جماع الكلام في الخلق يقول الشيخ في الإجابة عن هذا السؤال ؟
يدرك امكان ذلك في ثلاثة أشياء في العلم والجود والصبر بذل المعروف وكف الاذى يتحصل من أمور ثلاثة الأمر الاول العلم يعني انك تطلع وتكسب علماً في ما هو المعروف وكيف الطريق إلى كف الاذى فإذا كنت لم تميز المنكر من المعروف وايضاً إذا كنت لا تعرف السبيل إلى كف الاذى من المجتمع من الناس من اولادك من جيرانك وهكذا لذا كله قد ورد في علم الاخلاق كله ورد في القرآن وفي الأحاديث إذا لابد  من العلم قبل العمل كيف الانسان يعمل إذا لم يتعلم فالأمر الأساس والأمر الاول هو العلم. الثاني هو الجود يعني ان تجود بلسانك بمالك بأخلاقك بما تملك فإذا كنت بخيل حتما من صرف الوقت ومن بذل العلم ومن بذل المال والأخلاق فكيف تريد ان تبذل معروفاً إذا لا بد من السخاء والجود ثم الصبر ان تصبر وتثابر وتتحمل المشاق في سبيل بذل المعروف وكف الاذى عن الناس. ثم يقول وهو على ثلاث درجات يعني الخلق السامية هذه الخلق تحتوي على درجة ابتدائية ودرجة متوسطة ودرجة اعلى. اما الدرجة الأولى ان تعرف مقام الخلق وأما الثانية ان تحسن خلقك مع الحق يعني الاولى ان تحسن خلقك وأخلاقك مع الخلق والناس والثاني ان ترتفع وتحسن خلقك مع الله سبحانه وتعالى. ان تحسن خلقك مع الحق سبحانه هذه درجة اعلى من درجة الخلق. اين الخلق واين الحق اين الأرض واين السماء واين السفلى واين العلوى اذاً انت بسبب تحسين خلقك مع المجتمع مع الناس لابد ان ترتفع شيئا فشيئا وتحسن سلوكك مع الله سبحانه الخالق الجليل. وأما النوع الثالث من الخلق الذي هو الأعلى والأعلى يقول التخلق بتصفية الخلق يعني بعد ان حسنت أخلاقك مع الخلق وحسنت أخلاقك مع الحق عليك ان تصفي الخلق يعني ان تحصل على صفاء روحي صفاء علوي صفاء  معنوي إذا حصلت على هذا الصفاء العرفاني عند ذلك تكون قد حققت درجة اخرى وهي اعلى . ندخل في تفاصيل هذه الأمور الثلاثة تحسين مع الخلق   وتحسين مع الحق وتحسين بصفاء الخُلق . يقول الشيخ الدرجة الاولى ان تعرف مقام الخلق أنهم بأقدارهم مربوطون وفي طاقاتهم محبوسون وعلى الحكم موقوفون . قال الشيخ لابد في استعمالك لبذل المعروف وكف الاذى مع الناس لابد ان تعرف موقعية هذا الخلق إذا أردت ان تعرف مقام الخلق عند الله تعالى عليك ان تعرف ان ماسوى عباد الله المجتمعات البشرية كلها باقدارهم مربوطون يعني لهم قدر لهم في علم الله سبحانه مقدرات وهذه المقدرات لابد ان تتحقق لأنها مقدرات كائنة ثابتة في اللوح المحفوظ وفي علم الله سبحانه إذا لابد ان تتحقق فإذا عرفت ان الخلق كل الخلق باقدارهم مربوطون هذا هو الأمر الاول .
الثاني : في طاقتهم محبوسون يعني لهم طاقة معينة ومحدودة ولهذا ورد في القرآن الكريم لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فكل إنسان له طاقة معينة وهو لايمكنه ان يتصرف إلا بمقدار وسعه وطاقته فإذا كان الخلق كلهم في طاقاتهم محبوسون وعلى الحكم  موقوفون ان تعرف ايضا ان لهم احكام شرعية في قضاء الله وحكمه سبحانه لايتعدون تلك الحدود والأحكام الإلهية فهم موقوفون على حكم الله وقضائه فإذا علمت بهذه الأمور الثلاثة أنهم باقدارهم مربوطون وأنهم في طاقتهم محبوسون وأنهم على حكم الله موقوفون إذا تيقنت هذه الأمور الثلاثة تستفيد بهذه المعرفة ثلاثة أشياء وهي امن الخلق منك حتى الكلب  ومحبة الخلق إياك ونجاة الخلق بك. انت تستنج وتستفيد مما علمته من أنهم باقدارهم مربوطون وفي طاقتهم محبوسون وعلى الحكم الإلهي موقوفون ستستنج أمور ثلاثة اخرى ما هي هذه الأمور الأمر الاول الخلق كله في حفظ وأمان من ايذائك وشرك وتجاوزك حتى الكلاب حتىالحيوانات والكلاب هم في امن وامان لأنك على معرفة بان الخلق هم تحت حكم الله وانت ايضا احد من هؤلاء المخلوقين لا يمكن ان تستثني نفسك من الخلق انت ايضا واحد من الخلق فإذا حتى الحيوانات المخلوقة حتى الكلاب والذئاب كلها في امن وامان من يدك ولسانك وسرك وتعديك عليهم هذا هوه الأمر الاول .
النتيجه الثانية : محبة الخلق إياك إذا انت أحسنت إلى الخلق الخلق ايضا يحبونك لأنهم لايرون منك اي ايذاء بل يرون المعروف يرون الخير إذا الخلق يحبونك ويعشقونك.
اما الأمر الثالث : نجاة الخلق بك راح اتصير أسوة للآخرين والخلق كلهم بسبب أخلاقك السامية وبسبب بذلك للمعروف وكف الاذى  كلهم يحصلون النجاة من شرور انفسهم ومما يكون ضد النجاة . النجاة على يدك تحصل. هذا بالنسبة إلى الدرجة الاولى من درجات الأخلاق ثم ان الشيخ الأنصاري يدخل في المبحث الثاني وهو تعريف الدرجة الثانية في الخلق الذي يكون هو اعلى درجة من الاولى لان الاولى كان حول الخلق الذي يكون حول الحق يقول تحسين خلقك مع الحق وتحسينه منك يعني كيف تحسن خلقك وسلوكك مع الله سبحانه وتعالى ان تعلم ان كل ما يأتي منك يوجب عذراً حتى لو كانت عبادة مثلاً انت الان في شهر رمضان تصوم الشهر ترى صومك وصلاتك وزكاتك وما تفعله من اي خير  كله تحتقرها في عينك وتعتذر وتقول يارب اين صلاتي من صلاة الأيوبيين اين صلاتي من صلاة الكروبيين اين صومي من صومهم اين عبادتي من عبادتهم تعتذر فإذًا لابد من تحسين سلوكك مع الله ان تحقر اعمالك ان تحقر عبادتك ان تحقر ما تفعله من شيء وان تعتذر وتقول ياربي اين صلاتي من صلاة الأنبياء والأولياء ثم يقول وكل ما يأتي من الحق يوجب شكرا فإذا كل ما يصدر منك تشوفه قليل وتعتذر منه وكل ماتشوفه من الله من بركات من خير تقع ساجدا لله وشاكراً له الامام زين العابدين سلام الله عليه يروى عنه انه في اي نعمة كانت تصله يقع ساجدا ولهذا من كثرة سجوده سمي السجاد لكثرة سجوده حتى يقال انه وهو ماشي بالطريق إذا يصيبه رحمة يصبه نعمة من الله يوقع على القاع ويسجد لله: سجدت لك يارب تعبدا ورقا سجدت لك يا رب شكرا
الثالث ان لاترى له من الوفاء بداً يعني العبد دائماً لازم يوفي الله يوفي بمواعيد الله يوفي بعهود الله كما ان الله تعالى قال اذكروني اذكركم أوفوا بعهدكم فالمواثيق والعهود لابد من الوفاء بها وهذا ايضاً هو الركن الأساسي في تحسين خلقك مع الله سبحانه وتعالى هذا ايضاً من الأساس
اما الدّرجة الثّالثة : التخلق بتصفية الخلق ثم الصعود عن تفرق التخلق ثم التخلق بمجاوزة الأخلاق يعني بعدما اتصفت باخلاق سامية وفاضلة وحصل لك نتيجة وصفاء من كل هذه الأخلاق حصل لك صفاء روحي ونور الاهي عند ذلك تتخلق بتلك الانوار التخلق بانوار صفاء الخلق الذي علمته وعملت به شي فشيئا لابد من ان يحصل لك صفاء هذا الصفاء صفاء معنوي نوراني تخلق به ثم الصعود عن تفرق التخلق لابد لك في المرتبة العالية من الخلق ان لا تشعر باي تفرق بينك وبين الله سبحانه بمعنى انه مثلا لا سمح الله ترجع لنفسك تشوف نفس صافية ونورانية وكذا وكذا بعدين  لا سمح الله يحصل عندك فد عجب فد غرور  أنا كذا وانا كذا هذا يحصل تفرق إذا أردت ان ترفع التفرق بينك وبين الله بيني وبينك انّي ينازعني فارفع بلطفك انّي من البيني إذا أردت ان تدفع هذه المنازعة فعليك ان تمحي التفرق بينك وبينه ولا ترى لنفسك اي شيء بل يكون أنا الله فوق أنا النفس ثم التخلق بمجاوزة الأخلاق آخر شيء يقلك زين انت حصلت على الأخلاق وانت اتعبت نفسك في تحصيل أخلاق سامية لكن لابد من ان تتجاوزها  وتتعدى عنها  يعني لا تقف ضمن هذه الاخلاق تمسك برب الاخلاق تمسك بالله الذي وفقك لمثل هذه الأخلاق إذا علينا ان نعبر عن المرتبة الاولى إلى الثانية ومن الثانية إلى الثالثة وفقكم الله جميعا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تمهید لتدریس منازل السائرین آیة الله محمدصالح الکمیلی الخراسانی

جدول المحتويات