41- منزل القصد

41- منزل القصد

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وبه نستعين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
منازل السائرين كتاب فيه مئة منزل من منازل السالكين .هذه المئة تقسم على 10 ابواب ، كل باب فيه 10 منازل فلمّا تضرب ال10 بال10 يصيرن مئة ، ف احنا قضّينا في هذا الكتاب قسم البدايات ، ثم قسم الابواب ، ثم قسم المعاملات ،ثم قسم الاخلاق ، يعني الآن نحن في قسم الاصول اللي يكون المنزل 41 باب القصد ، وهذا القسم الاصول طبعا كما قلنا فيه 10 منازل ، منزل القصد  ، ومنزل العزم والارادة والادب واليقين والانس والذكر والفقر والغنا ومقام المراد ، هذه 10 تختص باصول العرفان ، يعني سمى هذه المنازل 10 ، سمى الشيخ الانصاري ب اسم الاصول ، فيظهر ان هذه المنازل 10 من اصول السير والسلوك . اذا، فلنهتم بهذه المنازل .
المنزل ال41 او المنزل الاول من قسم الاصول ، باب القصد قال الله عزّ وجل
(وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ )
انما ذكر الشيخ هذه الآية لمناسبة ، هذه الآية مع منزل القصد ، هذا الذي يهاجر الى الله ورسوله في نيته هو الله سبحانه تعالى ، حتى مثلا ، هذا المقاتل الذي يذهب الى جبهة القتال نيته ان يقاتل مع الاعداء ويستشهد في ميدان القتال ، الا انه لم يصل الى هذا الهدف حيث ان نيته الشهادة فالله سبحانه وتعالى يرزقه مرتبة الشهيد . فالنية والقصد امر مهم بالنسبة للسالك، ثم يعرف القصد بهذه الجملة يقول القصد هو الازماع على التجرّد للطاعة ، كلمة ازماع بمعنى عزم ، يعني ان تثبت عزمك و قصدك على ان تتجرد لطاعة الله سبحانه وهو اي القصد على ثلاث درجات : قصد ابتدائي ، وقصد متوسط وقصد نهائي .
القصد الاول يقول يبعث على الارتياض ، و يخلص من التردد و يدعو الى مجانبة الاغراض . يعني ان السالك في بداية القصد اذا اخلص قصده لله سبحانه ، في اعماله الظاهرية والباطنية ، فهذا السالك عندما يكون قصده لله سبحانه ، هذا القصد ، حيث كان قصدا الهيا ، فهو مما يبعث على الرياضة النفسية لان النفس عندما تكون مشغولة بحب الدنيا واسباب الدنيا ويأتي هذا السالك يطهر نياته وقصده لله سبحانه ، فاذا هذا القصد يكون فيه طهارة ورياضة نفسية .
ويخلص من التردد ، يعني اذا كان القصد صادرا عن عزم قوي لله، فطبعا هذا القصد يخلص الانسان السالك، من ان يتردد في الامور  ، حيث انه قد توكل على الله في نياته . ويدعو الى مجانبة الاغراض ، بمعنى ان القصد القلبي لله يكون سبب لان يتجنب السالك من الاغراض الفاسدة من الاغراض الدنيوية ، فهذا بالنسبة للدرجة الاولى .
واما الدرجة الثانية فهو قصد لا يلتقي سببا الا قطعه ، ولايدع حائلا الا منعه ، ولا تحاملا الا سهله .
القصد الثاني هو اعلى من القصد الاول ، لان هذا القصد يقطع التوجه الى الاسباب الظاهرية و النية تتوجه الى المسبب لا  الى الاسباب ، المسبب هو الله سبحانه وتعالى . فاذا ، قصد المؤمن السالك في  المرتبة العالية والثانية انه اذا التقى سببا من الاسباب الدنيوية يقطع  هذا السبب ولا ينظر  ولا يتوجه توجها مستقلا ، يعني توجهه لله ، بل يكون  دائما توجهه للمسبب  لا الى السبب .
ولا يدع حائلا الا منعه يعني اذا حصل مانع او حائل او حجاب لا يتمكن من ان يخلص قصده من الشوائب والاغراض ، فهو يغلب قصده على كل حائل ويمنع ذلك ، و بمعنى  يعني انه يضرب الحجب المانعة ويطهر هذه  الحجب ويصل الى الله ويطهر قصده من كل حائل يمنعه عن التوصل الى مثل هذا القصد الطاهر الخالص الصافي لله .
ثم يقول ولا تحملا الا سهله، يعني انت ايها السالك في الدرجة الثانية ، اذا كان قصدك في الافعال والاعمال خالصا لله فانت تتحمل كل المشاق في سبيل ان يكون قصدك طاهرا من كل ما يشوبه ولا يجعله خالصا لله ، فاذا في تحمل المشاق. بالنسبة لهذا القصد اذا كان السالك مجدا ومهتما بمثل هذا القصد فيكون كل ما يتحمله في هذا السبيل  سهلا ، سهلا لانه يعرف ما هو الهدف من هذا القصد .
الدرجة الثالثة : قصد استسلام لتهذيب علم ، وقصد اجابة لوطئ الحكم ، وقصد اقتحام في بحر الفناء . بالنسبة للدرجة الثالثة  ، الشيخ الانصاري يقسم القصد الى ثلاث ، يعني يقول هذه المرتبة تحتوي على  قصد التسليم لله ، والاجابة لحكم الله وقضائه وايضا هذا القصد يكون اقتحام في بحر الفناء.
اذا القسم الاول من هذه القصود الثلاثة ان يكون السالك في هذه المرتبة مسلما امره  لله في نيته لاجل ان يهذب علومه وما حصّله من علم في هذا السبيل ، يجعل علمه مهذبا من الشوائب الدنيوية والحجب التي تمنع ان يكون علمه لله سبحانه وتعالى ، فحيث ان هذا السالك قد سلّم في قصده التهذيب لله سبحانه فيكون علمه وما يحصله من علوم لله سبحانه.
وايضا ان يكون قصده في المرتبة الثالثة اجابة لوطئ  الحكم وهناك نسخة لدواعي الحكم ، ما المراد من الحكم ، الحكم الالهي ، كل ما يرد على السالك من احكام في القضاء والقدر  عليه  ، فهو يستجيب حتى و ان كان هذه الاحكام القضائية الالهية احكام شاقة، فهو يطأ هذا الحكم على نفسه ، الشاعر يقول ولصدره تطأ الخيول وطالما بسريره جبريل كان موكلا . الوطأ بالنسبة للامام الحسين وطأ الخيول لصدر الامام ، اذا هنا كلمة وطأ بمعنى أن القضاء والقدر الالهي عندما ينزل من السماء ويستقبله السالك ، يعني يجعل نفسه تحت هذا الحكم والحكم يطأ عليه ، يعني يطأ صدره، يطأ وجوده، لا يبقى شيء ، هذا معنى الوطأ . واذا قلنا اجابة لدواعي الحكم  يعني كل ما يدعو الحكم من قضاء وقدر على السالك فهو يستجيبه  وحتى ولو كان الحكم من نوع الهلاك والدمار والموت، وكل شيء واما الوجه الاخير من نوع القصد في الدرجة الثالثة وان تكون نوعية القصد بحيث ان يقتحم السالك نفسه ويسبح في بحر الفناء، يقتحم هذا البحر ، عندما يسبح  مثل هذا الذي يسبح في البحر ، يردله شجاعة يردلة سباحة مو هچي ؟ ليروح يسبح بالبحر مو متل النهر ،مو متل فلان صغير، انت تروح تسبح بالبحر متعلم ، متعلم السباحة بحيث انك اذا رحت في البحر ما تغرق ، ما تغرق ، زين ، السالك عندما تعلو نياته وعندما يتعلى القصد الالهي في نفسه ، من مرتبة اولى الى ثانية الى ثالثة ، فهو يستعد لأن يقتحم ويدخل بحر الفناء ، يكون فانيا في ذات الله سبحانه . اذا ، فالقصد العالي والعالي هو ان تفني نفسك في ذات الله ، بحيث لا يبقى لك شيء ، لا يبقى لك شيء تتمسك به ، حيث انك قد وصلت الى مرحلة الفناء في نيتك وقصدك لله سبحانه ، والحمدلله اولا وآخرا و ظاهر وباطنا.

تمهید لتدریس منازل السائرین آیة الله محمدصالح الکمیلی الخراسانی

جدول المحتويات