مقدمة لتدریس کتاب منازل السائرین

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرينتدريسنالكتاب منازل السائرين للمرحوم الخواجة عبدالله الأنصاري؛ وهذا الكتاب يحتوى علىَ مئة منزل من منازل السير والسلوك إلى الله تعالى و أول منزل هو اليقظة لأن الإنسان عندما ينتبه ويتيقظويتوب إلى الله سبحانه وتعالى يتوجه بقلبه وقالبه إلى الله ومن بعد يتحرك روحياً ومعنوياً إلى أن يسير سير العرفاء الى الله الذي هم مستغرقون بذكره  ليلاً ونهاراً، إذن على السالك أن يتوجه بقلبه وقالبه له فيحركته وسلوكه وكل أعماله وأفكاره يتوجه إلى المحبوب وهو الله سبحانه وتعالى ولكن يجب عليه أن ينتهج بمنهج وان يسير على نظم ونظام فمن نظم السالك أن يفتح قلبه بتوبة  وخشوع وخضوع ومن أصول هذا السير هو المراقبة وهي بمعنى أن يراقب السالك أفعاله وأفكاره ويتوجه بجميع جوده إلى الله سبحانه وتعالى ويعتبره حاضراً وناظرا على سره وسريرته ظاهره وباطنه فالمراقبة تبدأ من السير العملي بمعنى أن تكون أعماله كلها مطابقة للشريعة الإسلامية، لماذا نقول الشريعة لأن السالك عليه أن ينتهج بمنهج الشريعة ثم الطريقة ثم الحقيقة والشريعة هي شريعة الله ورسوله وهي الفقه الإسلامي فإذا كان السالك من جماعة غير المجتهدين فعليه أن يقلد مرجعا أعلم متخصصا في المسائل الفقهية والشرعية، طبعا هذا السالك عندما يقلد المرجع فإنه لايكتفي بظواهر الشريعة وظواهر الأحكام إنما يريد أن يجعل التطبيق الشرعي مثالاً لمكنون قلبه بمعنى أن كل حكم من أحكام الشريعة يتبع سراً من أسرار الحقيقة فمثلاً الصلاة لها ظاهر ولها باطن وصلاة لها إحكام وحدود في ظاهر عمل السالك إما المسألة الباطنية هو أن السالك لا يكتفي كالاخرين أن يكثر من صلاته العملية إنما يريد من هذه العبادات وهذه الأعمال أن يتقرب بها  إلى الله سبحانه فهو يريد أن يستنير ويستضيئ بنور الصلاة كما أنه كذلك في شهر رمضان في الصيام يريد أن يستضيئ قلبيا وعمليا من أنوار الصيام وهكذا في كل مستحب وواجب يريد أن يستضيئ بانوار هذه الأعمال ولايكتفي بالظاهريات فإذا كان السالك يجعل الشريعة منهج عمليا لسيره وسلوكه ويستضيئ من أنوار هذه الأعمال الفقهية الشرعية عند ذلك يتحرك بحركة باطنية ويتوجه نحو الله سبحانه وتعالى فإذا أجرى الأحكام الإلهية أجراها بهذا المنظور وبهذا الهدف يتحرك إلى الله سبحانه ويجعل هذا المنهج الشرعي طريقاً  للوصول إلى الله تعالى ولهذا نسمي الطريقة بعد الشريعة يعني السالك عندما يطبق الشريعة يتحرك طريقيا وعمليا نحو الحقيقة ، والسؤال هو أنه عندما يطبق الشرع السالك وينتهج طريقيا إلى الله سبحانه وتعالى فما معنى الحقيقة؟ أقول الحقيقة هي الحقيقة المطلقة الإلهية وهذا ما يكمن في ضمير وسر السالك بمعنى أن الفطرة في الإنسان التوحيد الإلهي كما في الحديث المعروف كل إنسان يولد على الفطرة ولكن ابواه يهودانه أو ينصرانه ففطرة الإنسان فطرة توحيدية إلهية ولهذا فالسالك المكلف عندما يتكلف ويتعهد بأن يمشي على طريق الشرع شئ فشئ يتوجه نحو الحقيقة والفطرة التوحيدية وفي باطنه يصل إلى الله تعالى بعد بسير المنازل تدريجياً، أقول تدريجياً ولا اقول دفعيا بمعنى أن السالك يجب عليه ألا يستعجل في الطريق إلى الله تعالى والوصول إليه وينتهج بمنهج تدريجيا إلى أن يصل إلى الهدف والغاية ونمثل مثال أقول مثلا الطعام إذ لم ينضج بطبخ ولم ينضج لايمكن أكله لابد من أن ينضح حتى يكون مهيئا للأكل كذلك الطريق إلى الله لابد أن ينضج بمعنى يتدرج تدريجياً حتى تنضج المعاني التوحيدية بحيث ان السالك لايغلط ولا يشتبه ولا ينحرف عن المقاصد العلوية يعني السالك إذ لم يتدرج درجة درجة يبتلى بأمراض جسدية أو أمراض روحية ولهذا نقول السالك يجب أن يكون على رأسه أستاذ أخلاقي عرفاني حتى لا ينحرف ولا يبتلى بافراط أو تفريط في هذا الطريق اخواني أعزائي أحبائي هذا المختصر من مقدمة دروسنا وهذا أول درس وأول جلسة لهذا نقتصر بهذا المقدار ثم ندخل في أبواب مختلفه قد لاتكون هذه الأبواب مسلسلة من الباب الأول إلى الباب المئة بل بين الأبواب نأتي ونستخلص بعض المطالب و ندخل فيها وهذا اليوم أردنا أن نبين باب من هذه الأبواب وهوباب المراقبة لكننا اوضحنا مقدمات لكي نتبع هذه المقدمات بدروس متتالية أن شاء اللهاسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقكم جميعا لما فيه الخير والصلاح ولما فيه محبة الله تعالى أعزائي المحبة هي الأصل أن قلوبنا تحب من خلقنا وهو الخالق والرازق والمالك والقابض والباسط وإليه المرجع إذن علينا أن نستحضره في جميع حركتنا وسكناتنا.الموافق ٢ ذو القعدة ١٤٤١

کتاب منازل السائرین (عبدالله الانصاری)
سماحة آیة الله کمیلی الخراسانی

منازل السائرین

جدول المحتويات