منازل السائرین : المنزل الاول باب الیقظه
شرح کتاب منازل السائرین المنزل الاول باب الیقظه (الدروس العرفانیة)
شرح کتاب منازل السائرین لخواجه عبدالله الانصاری (ره) بتدریس سماحة آیة الله الشیخ محمدصالح الکمیلی الخراسانی (حفظه الله)، المنزل الاول باب الیقظه
صوت المنزل الاول (باب الیقظه) من کتاب منازل السائرین:
باب الیقظة
«قال اللّه عزوجل قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّٰهِ. القومة للّهِ عزوجل هي اليقظةُ من سِنَة الغفلة و النهُوضُ من ورطة الفَتْرة؛
و هي أوّل ما يستنير قلبُ العبد بالحياة لرؤية نور التنبيه. و اليقظة هي ثلاثة أشياء؛
الأوّل:لحْظ القلب إلى النعمة على الإياس من عدّها و الوقوف على حدّها، و التفرّغ إلى معرفة المنّة بها، و العلم بالتقصير في حقّه.
و الثاني: مطالعة الجناية، و الوقوف على الخطر فيها، و التشمّر لتدارُكها و التخلّص مِن ربقها و طلب النخاة بتَمحيصها.
و الثالث: الإنتباه لمعرفة الزيادة و النقصان في الأيّام، و التنصّل عن تضييعها، و النظر إلى الضنّ بها، ليُتدارَك فائتها و يُعْمَر باقيها.
فأمّا معرفة النعمة؛ فإنها تصفو بثلاثة أشياء: بنور العقل و شَيْم برق المنّة و الإعتبار بأهل البلاء.
و أمّا مطالعة الجناية؛ فإنها تصحّ بثلاثة أشياء: بتعظيم الحقّ و معرفة النفس و تصديق الوعيد
و أمّا معرفة الزيادة و النقصان في الأيام فإنها تستقيم بثلاثة أشياء: بسماع العلم،
و إجابة دواعي الحُرْمة، و صحبة الصالحين. و مِلاك ذلك کلّه خلع العادات».
الشرع طریق الی القلب
إخواني أعزائي نذكر الباب الأول و هو باب اليقظة، اليقظة: هي التنبه و الخروج من المعاصي إلى ما هو محبوب عند الله عزوجل
عادةً الخواجة رحمة الله علیه يُسمي كلّ باب باسمٍ و الاسم يأخذه من القرآن الكريم، فمثلاً؛
يقظة السالك و تنبه قد أخذه من آية ۴۶ من سورة سبأ، يقول الله عزوجل: «قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ»
إن القيام لله عزوجل هو بمعنى الخروج من الغفلة و المعصية. حيث إن السالك عندما يتوجه بجميع وجوده لله عزوجل
و يتوب من كلّ ما لم يكن يرضي الله عزوجل عند ذلك قد ثار على نفسه و قام قيام المتنبهين و المتقين لله عزوجل،
فالموعظة الواحدة هي القيام و التحرك و النهضة من محاب النفس إلى محاب الله عزوجل، هذا هو معنى اليقظة.
و لهذا سمى هذا المنزل أو الباب باليقظة. ثم يقول الخواجة عبدالله رحمة الله علیه:
«القومة لله هي اليقظةُ من سنة الغفلة و النهوض من ورطة الفترة»؛
الآية الكريمة تقول إن العبد يجب أن يقوم لله عزوجل. يقول الخواجة رحمة الله علیه:
إن القيام لله عزوجل بمعنى الخروج و التنبه من سِنة الغفلة و کما نقرأ في آية الكرسي:
«لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ »
السِنة: هي أقل من النوم و الغفلة ليست بمرتبة المعصية.
و المعصية هي أكبر و أعظم من الغفلة. الغفلة يعني أنت لا تعصي الله عزوجل
و تترك المعاصي بجدٍ و جهدٍ إلّا إنك قد تشملك الغفلة عن ذكر الله في بعض الأوقات.
فإذن الغفلة ليست هي المعصية. في الغفلة تأخذ الإنسان السِنة التي هي أقل من النوم و مقدمةً للنوم العميق.
إذن العبد السالك هو عبدٌ لله عزوجل فلا تأخذه المعصية التي هي النوم عن الله عزوجل و عن واجباته
و أيضا لا تأخذه السِنة التي هي أقل من النوم، أي سِنة الغفلة يعني يجد و يجتهد أن لا يغفل في جميع أوقاته
عن ذكر الله عزوجل فهو دائماً متنبه و متيقظ. «النهوض من ورطة الفترة»؛
إن الإنسان قد يأخذه الفتور و الضعف عن الجد و الإجتهاد في ما يرضي الله عزوجل
فعليه عندما يقدم على اليقظة أن ينتهض من عواقب الفتور و لا يأخذه أي فتور بل يكون متيقظاً و متنبهاً في جميع الأحوال
و قوياً في أمر الله عزوجل. فحالة الیقظة؛ هي أول ما يستنير قلب العبد في الحياة لرؤية نور التنبيه
و هي أول منزلة من منازل النفس و فیه يحيى قلبه و يخرج من موت نفسه و يتيقظ بذكر الله عزوجل
و التوجه إليه و لکي يتوفق لرؤية نور اليقظة و التنبيه عليه أن يخلص نفسه من نوم الغفلة
و ينتهض و يعمل نهضة و ثورة على أهواء نفسه حتی يتقرب إلى الله عزوجل
من طریق النعمة یُعرف المنعم
ثم يقول الخواجة رحمة الله علیه:«اليقظة هي ثلاثة أشياء: الأول؛
لحظ القلب إلى النعمة على الإياس من عدَّها، و الوقوف على حدَّها»؛
اليقظة عبارة عن ثلاث أمور:
الأمر الأول؛ هو أن يلاحظ السالك في قلبه هل يرى معرفة النعم الإلهية،
هل يلاحظ ما أنعم الله عزوجل عليه من نِعم لا تُعدّ. منازل السائرین
فإذا أوقف نفسه على معرفة النعمة و التوجه إلى الله عزوجل و عن طريق النعمة يَعرف المُنعم
حيث إن هذه النعم كثيرة إذن يتيأس من عدّها يعني هو يصل إلى هذه النتيجة في عدّ نعم الله عزوجل
بأن النعم التي تصدر من عينيه و اُذنيه و أعضائه و جوارحه و باقي النعم الظاهرية و أیضاً النعم الباطنية لا تعدّ و لا تحصى
كما قال القرآن الكريم:«إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا» فإذا وصل السالك إلى هذه المعرفة بحيث عرف أنه لا يمكنه أن يعد النعم الإلهية بالعدد
و كذلك يتيأس من أن يقف على حدود النعمة حيث إن كلّ نعمة من نعم الله عزوجل ليس لها حدّ في عظمتها و كِبرها.
«و التفرغ إلى معرفة المنة بها»؛ عند ذلك السالك يتفرغ إلى أن يعرف منة الله عزوجل علیه
«لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ» من أسماء الله عزوجل المنان، الحنان،
إذن نحن و إن عبدنا عبادة الأولين و الأخرين، ليس لنا أي منة على الله عزوجل و كلّ ذلك من فضله و كرمه.
«و العلم بالتقصير في حقها»؛ الأمر الأول من اُمور اليقظة؛ منازل السائرین
أن يتوجه إلى هذه الملاحظة و هي أنه لا يمكنهُ أن يأتي بحقوق ما عليه من نعم الله عزوجل
و كلّ ما يفعل من العباد من شكر لله عزوجل لا يمكنه أن يأتي بحق النعمة،
فيعترف بالتقصير و يعلم بأنه مقصر أمام الله عزوجل و أمام فضله و كرمه.
الیقظة تسبب محاسبة النفس
ثم يقول الخواجة رحمة الله علیه :«الثاني مطالعةُ الجناية»؛
و يقصد بالجناية المعاصي التي تصدر من العبد يعني يجني على نفسه عندما يخالف أوامر الله عزوجل.
هنا يجب عليه أن يطالع و يحاسب ما فعله من الجنايات و المعاصي بدقة. «الوقوف على الخطر فيها»؛
يقف و يتأمل علی كلّ معصیة التي صدرت منه و یسأل نفسه كيف إن هذه المعصية لها عواقب سيئة و أخطار.
فإذا وقف على الخطر و العواقب السيئة عند ذلك يتيقظ.
نحن نتكلم في موضوع اليقظة، هذا السالك كيف يتيقظ عندما يرجع إلى نفسه و يحاسبها فيما فعل و صدر منهُ من المعاصي و المخالفات.
«و التشمُّرُ لتداركها»؛ علیه يجبر ما فأت و يتدارك هذه المعاصي التي صدرت منه بتوبة و إنابة و بأعمال و أفعال مرضية لله عزوجل.
«و التخلّص من رقها»؛ يتخلص بواسطة ما يجبر من توبة و من قضاء صلوات فائتة عليه
و كلّ ما يلزمه أن يفعل حتی يتخلص من ربقة هذه الجنايات و المعاصي.
«وطلب النجاة بتمحيصها»؛ يطلب النجاة من الله عزوجل بتمحيص هذه الجنايات
يعني يعرف إنه قد ابتلی بإمتحان الله عزوجل و من حيث إنه ابتلی فعليه أن يطلب النجاة منها
و يخرج بفوزٍ و سلامٍ من هذه الإمتحانات. لأن الله عزوجل قد يمتحن عبده
فإذا ابتلی ببلاء عليه أن يجعل ذلك البلاء موعظةً لنفسه و قوة لإيمانه.
ثم يقول الخواجة رحمة الله علیه: «و الثالث الإنتباه لمعرفة الزيادة و النقصان في الأيام،
و التنصُّل عن تضييعها، و النظر إلى الضنِّ بها؛ ليُتدارك فأيتها و يعمر باقيها»؛
من واجبات اليقظة إن السالك المنتبه التائب إلى الله عزوجل عليه أن يعمل محاسبة لما فأته.
يعني يصنع له جدول و يكتب فیه، أنه كيف صدرت هذه المعاصي و المخالفات منه؟ و في أي زمان؟
و علی كلّ ذلك يجب أن يحاسب نفسه كما ورد في الحديث الشریف:
«حَاسِبُوا أنفُسَكُمْ قَبلَ أنْ تُحاسِبُوا»
فعليه أن يعرف ما فعل في الأيام الماضية من الزيادة و النقصان
و يحاسب نفسه حساباً دقيقاً. و يتنصل عن تضييع أيامه؛ عندما هو يراقب و يحاسب نفسه
يعرف ما حصل من تضييع و معاصي و من ترك واجبات. إذن يخلص نفسه من أنه في المستقبل لا يضيّع أيامه.
«و النظر إلى الضن بها»؛ ينظر السالک إلى أن يضن بأيامه، الضن؛ هنا بمعنى أنهُ يغتنم أيامه و أوقاته،
« الْفُرصَةُ تَمُرُّمَرَّ السَّحَابِ» كلمة «ضن» بالضاد أخت الصاد، الإنسان ضنين بنفسه
يعني لا يريد أن يضيّع حتى لحظة من لحظات عمره. منازل السائرین
و لهذا يقول الخواجة رحمة الله علیه في آخر ما قال من هذه الأمور الثلاثة «ليُتدارك فائتها و يعمر باقيها»؛
إذا أتى السالك و عمل لنفسه محاسبة دقيقة و عرف النقصان من غيره عند ذلك يتدارك فائت الأيام. الأيام الماضية؛
التي مضت في غفلة و معصية و ترك واجبات يتداركها بسبب هذه اليقظة و التنبه و المراقبة الروحية.
«و يعمر باقيها»؛ باقي الأيام المقبلة هذه الأيام تُعمر و لا تخرب، لماذا؟
لأنه تيقظ و تنبه و قام بتوبة صادقة و قام بجبران الذي ما فأته فإذن هو إن شاء الله بالنسبة لمستقبل عمره
و أوقاته يُعمرها بالخير و بالعبادة و بما يرضي الله عزوجل.
العقل مصباح في طریق الهدایة
ثم قال رحمة الله علیه:«فأما معرفة النعمة فإنها تصفو بثلاثة أشياء»؛
هو قبل ذلك في الأمر الأول تطرّق إلى هذه الجملة حيث قال رحمة الله علیه:«لحظه القلب إلى النعمة»؛
معرفة النعمة و ملاحظه القلب إلى أمور النعمة هذه تصفو بثلاثة أشياء: العامل الأول؛«بنور العقل».
و العامل الثاني:«شَيم برق المنَّة» و العامل الثالث: «الإعتبار بأهل البلاء».
فأمّا العامل الأول:بنور العقل، إن السالك بعد معرفة النعمة الإلهية و عرف المنعم عن طريق نعمته عند ذلك،
إذا أراد أن تصفو النعمة و أن تبقى له هذه النعم الإلهية و لا تتكدر بسبب العصيان و الطغيان و تصفو في نفسه
و تقبل هذه النعمة بقبول حسن، عليه أن يلاحظ؛ بواسطة هذا المصباح و هو عقله، هداه الله عزوجل إلى التوبة و التوجه إلیه.
مصباح العقل الذي الله عزوجل خلقه في نفس الإنسان حتی بواسطة يتعقل و يتدبر الأمور
و یحصل له نور من هذا التفكر و التعقل في نعمته و النعمة تصفو له و تظهر في نفسه القُربات الإلهية.
و العامل الثاني: «شيم برق المنَّة»؛ إن المنة الإلهية في النعم التي أعطاها الله عزوجل لها بروق و أنوار، تلمع و تبرق.
فإذا أدرك السالك ما مَنّ الله عزوجل علیه عند ذلك يشتم هذه الأنوار و البروق المعنوية.
فإذا نظر إلى النعمة ينظر لها بعين المنة من الله عزوجل و تصفو له النعم.
و العامل الثالث:«الإعتبار بأهل البلاء»؛ كيف يعتبر بأهل البلاء حتى تصفو له النعمة؟ مثلاً؛
هو عنده عينان يبصر بهما لكن أحد جيرانه أو من أهل بلدته أعمى و لا يمكن له أن يبصر بعينيه.
إذا أردتم أن تقدروا النعم الإلهية عليكم أن تنظروا إلی أهل البلاء و الأمراض فتشكروا الله عزوجل على نعمه.
و إذا مررت بشخص مريض أو له عضو ناقص في جسمه، أن تقول:
« الْحَمدُ للّهِ الّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِه و لَو شَاءَ فَعَلَ» ،
فالإنسان عندما يدخل المستشفى و يرى المرضى قد ألقوا أنفسهم على السریر
و دائماً في علاج و أنين و حنين. فلهذا قد ورد إن الإنسان يعود المريض
و يعمل عيادة للمريض مهما كان بالمستشفى أو بالبيت، منازل السائرین
فعندما يذهب و يزور هذا المريض عند ذلك يعرف قدر النعمة.
«الإعتبار بأهل البلاء»؛ أن يعتبر و يوعظ نفسه إنه انظري يا نفسي
لو أراد الله عزوجل أن يبتليك ببلاء هذا الشخص المبتلى،
لبتلاك و لكن أنتِ الآن في صحة و عافية فشكُري ربّك على هذه النعم.
لهذا ورد في الحديث:«نعمتان مجهولتان؛ الصّحة و الأمان» متى الإنسان يشعر أو يدرك بنعمة الأمن؟ عندما يفقد الأمن.
و متى يشعر بالصحة أو النعمة؟ عند فقدنها.
فلهذا الإنسان دائماً يعالج نفسه و يكون في حالة مراقبة روحية معنوية حتى لا يستغرق في الغفلة و يبتعد عن الله عزوجل.
ثم قال رحمه الله:«و أما مطالعة الجناية، فإنها تصحُّ بثلاثة أشياء: بتعظيم الحق، و معرفة النفس، و تصديق الوعيد»؛
مطالعة الجناية؛ الإنسان يطالع و يحاسب نفسه على الجناية و المعصية التي قام بها في الماضي
و یفکر كيف يتداركها و يتوب إلى الله عزوجل و يترك المعاصي و يُصمم على أنه لا يعود إلى ما أذنب في السابق.
أن تنظر من تعصيه؟
يقول الخواجة ؟رح؟: بثلاثة أشياء: أولاً؛ «بتعظيم الحق»؛ منازل السائرین
أنت تری نفسك بأنك تعصي ربّك و في محضره، مثلاً:
إنك لا تری طفل أمام الطفل آخر یأتي بعمل شنيع، لماذا؟ لأن هذا الطفل واقف ينظر إلیه.
سؤالٌ: هل نحن نعظّم الله عزوجل بمقدار هذا الطفل؟
يعني هل نعظّم الله عزوجل و نستحضره في قلوبنا و نستحي منه؟ كما نستحي من الأطفال.
أحد طرق ترك المعاصي هو المطالعة و الدقة و أن نرجع و نعظّم الله عزوجل في قلوبنا.
الثاني:«و معرفة النفس»؛ يجب عليك أن تعرف نفسك.
«إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي» معرفة الرذائل من الفضائل، معرفة أقسام النفس، منها؛
أمارة و لوامة و ملهمة و مطمئنة. فلو عرفت نفسك و عملت من أجل تربيتها عند ذلك تتوفق لترك الجنايات و المعاصي.
الثالث:«و تصديق الوعيد»؛ عندنا وعد و وعيد، الوعد؛ هو وعود الله عزوجل في القرآن الكريم بالجنة و برضاه.
و الوعيد؛ هو جهنم و عذاب الله عزوجل .إذن العبد إذا صدق بالوعيد كما يصدق بالوعود
و جعل في نفسه عذاب الله عزوجل و جهنم، حتی صار يفكر بهکذا أمور عند ذلك يصير عنده حالة
و روحية نفسية بحيث لا يرتكب معصية و يتركها لله عزوجل.
«و أما معرفةُ الزيادة و النقصان في الأيَّام»
التي ذكرها سابقاً إنه كيف نحن نعرف الزيادة و النقصان؟ و كيف نحاسب أعمالنا و أفعالنا؟
اصحب الصالحین حتی تکن مثلهم و منهم
يقول الخواجة رحمه الله:«فإنها تستقيم بثلاثة أشياء:بسماع العلم، و إجابة دواعي الحُرمة، و صحبة الصالحين»؛
«بسماع العلم»؛ إذا أردت أن تُحاسب نفسك و عملت جدول تکتب فیه الزيادة
و النقصان في أيام عمرك عليك أن تسمع العلم. و المراد بالعلم؛ العلوم الإلهية،
مثل: القرآن و أحاديث أهل البيت ؟عهم؟، تحضر مجالس العلماء و تسمع منهم أقوالهم و كلماتهم.
«و إيجابة دواعي الحُرمة»؛ يصير في نفسك داعي بالنسبة للحرمات حتى لا تهتكها
و تعرف هتك الحرمة حرام. مثلاً: نفرض شخص يهتك المقدسات الدينية فهذا حرام،
فلابد أن يكون في العبد السالك دواعي لعدم هتك الحرمة فعند ذلك
إذا أردت أن تجيب دواعي نفسك بالنسبة لتقديس المقدسات و ترك الحرمات
و العمل الواجبات الدينية فعليك أن تعرف الزيادة و النقصان و أن تقوم بمحاسبة دقيقة.«و صحبه الصالحين»؛
إذا أردت أن تتقدم في أيام عمرك و أن لا يأخذك نقصاً و معصيةً في کلّ العمر،
و کما إن عمر الإنسان كالذهب بل هو أغلي من الذهب.منازل السائرین
أنفاس الإنسان كلّها لها قيمة و على الإنسان أن لا يترك عمره هباءً.
السالك عندما يصاحب و يرافق أهل الصلاح و عباد الله الصالحين،
تسبب هذه المرافقة و الصحبة يتمكن من أن يتقرب إلى الله عزوجل و معرفة ما يصلحه و يفسده.
السالك یترك العادات السلبیة
«و ملاك ذلك كلّه خلع العادات»؛ إن ملاك كلّ هذه المطالب التي ذكرناها من الأول إلى الأخير
أن تخلع العادات العرفية و الرسومات التي فُرضت بسبب أعمال الناس و المجتمع،
رأي الخواجة رحمه الله في كلمة العادات؛ یقصد العادات السيئة و الرسومات العرفية
الذي غير مقبولة عند الله عزوجل و قد نرى هذه الرسومات كثيرة في مجتمعاتنا
و لکن أهل السير و السلوك إلى الله عزوجل، لا يمشون كمشي العرف و الناس و المجتمع
إنّما ينظرون هل هذا الفعل مقرّب لله عزوجل أم مبعد. فلهذا إذا أردنا أن نتوب إلى الله عزوجل
و نتيقظ يقظةً كاملةً علينا أن نترك العادات المخترعة، التي لم تكن مرضية لله عزوجل
و لن تكن موافقة للإسلام و للشريعة الإسلامية،منازل السائرین
يعني أنت تعيش في مجتمع و هذا المجتمع ترأه ليس مجتماً إسلامياً صحيحاً.
فإذا أردت أن تخالط و تمتزج في هذا المجتمع عند ذلك فلا يمكنك أن تطبّق تعاليم الإسلام.
فالمفروض إنك تترك هذه العادات و الرسومات و تعتزل عنها بجدٍ و إجتهادٍ حتى تتوفق لليقظة الإلهية و التقرب إليه سبحانه.
و في ختام هذا الدرس نرفع أيدينا إلى الله عزوجل و نقول: يا ربّنا أنت إلهنا و سيدنا و مولانا، أنت خالقنا و رازقنا و مُنعمنا.
نسألك أن توفقنا بعد هذه التوبة و اليقظة إلى المزيد من أطافك الخفية يا خفي الألطاف نجئنا ممّا نحذر منه و نخاف.
لمتابعة صفحة سماحة الشیخ محمد صالح الکمیلی اضغط هنا