المنزل الرابع (الانابة) – المنزل الخامس (التفکر)

منازل السائرین

منزل الرابع

 

بِّسمَ أّلَلَهِ أّلَرحٌمَنِ أّلَرحٌيِّمَ أّلَحٌمَدِ لَلَهِ ربِ أّلَعٌأّلَمَيِّنِ  وِصٌلَی أّلَلَهِ عٌلَى مَحٌمَدِ وِأّلَهِ أّلَطّأّهِريِّنِ    اللهم وفقنا للاشتغال بالعلم والعمل الصالح أعزائي في الدرس السابق ذكرنا المنزل الرابع و هو منزل الانابة إلى الله و سابقاً قُلنا بأن الانابة هي الرجوع إلى الله و لكن هذا الرجوع على أنواع ثلاثة رجوع إصلاحي و رجوع وفائي و رجوع حالي و قلنا سابقا الرجوع إلى الحق سبحانه من جهة اصلاح النفس هو أن يقوم بأعمال مقابلة لما فعله من ذنوب في السابق و شرحنا الأعمال المناهضة والمقابلة لما ارتكبه سابقا طبعاً هي أعمال حسنة يتدارك بها ما فاتهُ سابقاً ثم قُلنا بأن الرجوع الوفائي يقتضي التوجه العام لانهُ قد عاهد الله في ميثاقهُ وعهودهُ ان يقوم عبداصالحاً مؤمناً تقیاهذا العهد طبعاًفی عالم الذر حصل مع الإنسان{ قال الست بربكم قالوا بلى }فأذن نحنُ عاهدنا مع الله سبحانهُ في عالم الذر وفي هذا العالم كيف أصبحنا مؤمنين ومسلمين إذ لم نكن قد عاهدنا الله فالرجوع الوفائي ايضا يقتضي ان تكون هناك اعمال تقتضي ان يتحول العبد من نقضهُ بالميثاق إلى وفائه بالميثاق ولا نكرر ما شرحناهُ سابقاً واما الرجوع الاخير والثالث هو الرجوع الحالي يعني ان أحوال العبد السالك تتغير في توبتهُ وانابتهُ إلى الله تارةً يتحول اصلاحیاً يصلح ظواهر أعمالهُ وتارةً يرجع من نقضهُ مواثيقه مع الله وفائهُ لكن في هذا المرتبة هي أشد وأعلى من تلك المرتبتين من الإصلاح والوفاء لماذا لانه يريد أن يستقيم في سلوكهُ مع الله ورجعهُ اليه  روحياً و معنوياً و حالياً يعني احوالهُ الروحية تتغير في انابتهُ ورجعوعهُ وتوبته مع الله سبحانهُ وتعالى وفالتغير الذاتي والحالي تغيرا أهم من تغيرين السابقين لهذا نرى الخواجه عبد الله عندما يريد أن يشرح مثل هذا الرجوع يقول إنما يستقيم الرجوع اليه حالاً بثلاثة اشياء باليأس من عملك و معاينة اضطرارك و شيم برق لطفهِ بك .هذه الأمور الثلاثة اذا حصلت مع السالك عند ذلك يتغير روحياً  نفسياً. الأمر الأول هو أن يصل إلى نتيجة اليأس من أفعاله واعماله يعني لا يفتخر بعباداته و طاعته مع الله سبحانه وتعالى و يتأيس من انه يتمكن من أن يفعل عملایکون خالصا مئة بالمئة من جهة الخلوص ومن جهة أخرى انهُ لا يرى لنفسه حتى لو فعل مايقربهُ إلى الله يرى هذا توفيق من الله ليس لهُ دخل في هذا التوفيق لان كل مايملك أعطاه الله سبحانه وتعالى هو عبد مملوكً إلى الله كيف يرى اعماله كيف يتجلى في نظرهِ مايفعلهُ من اعمال و عبادات حتى ولو كانت هذه الأعمال صالحه وحسنه .الأمر الثاني معاينة الإضطرار. المعاينة بمعنى انه يصل إلى حقيقة افتقارهُ واضطراره لله سبحانهُ وتعالى يعني يكون العبد عبداً مضطراً حالهُ مع الله سبحانه وتعالى يعني يحصل له حالة اضطرار بحيث يرى بأنه لا يتمكن من أن يفعل شيئاً كاملاً يُرضي الله سبحانهُ وتعالى واذا تيأس من أعمالهُ وإذا رأى نفسهُ مضطراً إلى معونة الله الله ثم في الأمر الثالث يستشم برق لطف الله. الشيم هو الاستشمام السالك في سلوكه مع الله وتقربه اليه وتغيره حالياً و معنوياً يسشتم هذا المعني يشعر في نفسهُ بروق لطف الله البروق هنا بمعنى تلألو الأنوار يعني نور برق لطف الله قلبهُ يتوجهُ اليه و طبعاً يستشم ويرى حقيقة عون الله ولطفه له فإذا وصل إلى يأس من جهة أعمالهُ وإذا حصل في نفسهُ اضطرار واذا استشم لوامع و بروق وأنوار جذبات الله وألطافه هذه الأمور الثلاثة تجعلهُ دائماً في حالة تجليات وتوجهات وجذبات معنوية نورية ألهيه عند ذلك يتقدم شيئاً فشيئاً ويكون موضع لطائف الله وجذباتهُ هذا مااردنا ان نقولهُ في هذا المنزل او الباب الرابع من هذا الكتاب

.الباب الخامس.

اما المنزل الخامس فهو التفكُر قال تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)  هذه الآية الكريمة تصرح في موضوع التفكُر يعني التفكر امراً ضرورياً لمن يريد التقرب منه سبحانهُ يقول في القرآن( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) يعني يا حبينا يا نبينا أنزلنا إليك هذا القرآن لتبين للناس اي تشرح لهم ما نزل إليهم المنزل إليهم هو القرآن يعني النبي يأتي ويبن هذه السور والآيات لماذا لعلهم يتفكرون لأجل ان يتفكر الناس في هذه الآيات الربانية و في ما يوضح لهم نبيهم و عندما يتفكرون يحصل لهم بصيرة يحصل لهم الإدراك بالنسبة لموقفهم من الله سبحانهُ وتعالى ولهذا  الخواجه بعد هذه الآية يقول أعلم أن التفكُر تلمس البصيرة لأستداراك البُغيه( البُغيه يعني مايريد ان يفعله العبد مع الله سبحانه وتعالى) ماهي بُغيته وهدفهُ… الجواب على هذا السؤال هو أن يتفكر في الأمور التي تختص بالله سبحانه ويتلمس من هذه التفكرات بصيرتهُ الشخصية واداركهُ الروحي و المعنوي لماذا كل هذا لأجل ان يستدرك بغيته التي حركتهُ للسعي وبذل أوقاتهُ في سبيل ان يحصل على المعرفة إلالهيه ثم يقول هو ثلاثة انواع فكرة في عين التوحيد وفكرة في لطائف الصنعه وفكرة في معاصي الأعمال والاحوال التفكر ينقسم الي ثلاث أقسام القسم الاول ان يتفكر السالك في توحيد الله سبحانهُ وتعالى مقابل الكفار والمنكرين و المجتبى عليهم والذين هم لا يتفكرون لأجل  أن يصلوا الي معرفة الله فالفكرة الاولية ان يؤمن بالله سبحانهُ هذا الإيمان كيف يحصل من وراء هذه  التفكرات… هذه لها توضيحات سنتعرض إليها ثم النوع الثاني من تفكرات السالك هو ان يتفكر في لطائف صنع الله في مخلوقاته في عالم السماء والأرض وكل مخلوقاً خلقهُ الله سبحانهُ وتعالى وصنعهُ هذا الصنع الألهي يحتاج الی ان السالك يتكفر فيه لكي يتقرب منه سبحانه “يا صانع كل مصنوع” كما نقرأ في دعاء الجوشن الكبير اما الفكرة الثالثة فهي في معاني الأعمال والأحوال يعني يتفكر السالك فيما يصدر منهُ من أعمال ومن أحوال من وراء تلك الأعمال التفكر في هذا النوع يوصل الإنسان الى ان يفتش ويفحص عن مَا يفعلهُ لكي تكون أعماله خالصةً لله وايضا لكي يتنبه من أن ما يفعله المخلوق في هذا العالم هو أیضا ببركة هداية الله سبحانهُ وتعالى بعد هذا التوضيح ندخل فيمَ ذكرهُ الخواجه من توضيحات حول هذه الأفكار الثلاثة يقول اما الفكرة في عين التوحيد فهي اقتحام بحر الجحوت لا ينجى منه إلا الاعتصام بضياء الكشف والتمسك بالعلم الظاهر التفكر في توحيد الله سبحانه يقتضي ان يقتحم السالك بحر الإنكار لتأثير الله في هذا العالم و لوجوده سبحانه يعني هناك من انكارات وجحودات الجاحدين لله المنكرين له يتوسلون بهذه التفكرات الجحوديه وهذه كثيره طبعالانه يعبر عنه بالبحر الأوهام والخيالات و الاستدلالات التي تذرع إليها أصحاب الكفر و الإنكار والجحود وتوهمات وتلبیسات شيطانية و أفكار بشرية ليست هي دلائل صحيحة و عقليه وإنما هي اوهام في أوهام المتنور بنور الله سبحانهُ وتعالى والاستدلال بالدلائل العقلية و النقلية التي تثبت وجود الله سبحانهُ وتعالى هي أيضاً بحر بحرفي مقابل بحر البحوت فلابد السالك بالأبتداء ان يستدل على الله سبحانهُ وتعالى بأستدلالات اشراقيه و بأستدلالات علمية لان الخواجه يقول لا ينجى منه إلا الاعتصام بضياء الكشف والتمسك بالعلم الظاهر ضياء الكشف هو الكشف النوري والاشراقي الذي يحصل في قلب السالك بواسطة ممارستهُ لتهذيب وتنزيه النفس بهذه الواسطة يمكنهُ ان يحصل على الاشراقات النورية وبها يتقرب الى الله سبحانهُ وتعالى ويحصل على يقين الأمر الثاني التمسك بالعلم الظاهر.العلم الظاهر هي التي قد ذكرها أساتذة ألفن أساتذة العلم النظري في كتبهم الأمر الأول ضياء الكشف هذا علمً باطنياً لدني اما العلم الظاهر هو علوم اما علوم حوزويه او علوم جامعيه او علوم هي منقولة من يد إلى يد يمكنهُ السالك ان يطالع او يدرس العلوم النظرية و العرفان النظري بهذا ايضا يتضح له التوحيد اما الفكرة في لطائف الصنائع فهي ماء يسقي زرع الحكمة الخواجه يشرح كيفية التفكر بلطائف صنع الله يقول هذا التفكر ينبع من ماء الحكمة هذا الماء هو ماء معنوي ومنبعهُ القلب النوراني قلب السالك فبواسطة ما ينزل في قلبهُ من توجهات في عالم المصنوعات الإلهية يمكنهُ بواسطة ما يفيض عليه أن يسقي الارض الزراعية و المقصود من هذه الارض ارض الحكمة الإلهية فبواسطه هذه التوجهات القلبية المعنوية السالك يتفكر في ذرات صنع الله سبحانه في الأشياء الخفية من عالم الخلق من صنع إلالهي مثلا يأتي و يتفكر في صنع الزنابير التي تولد عسل للإنسان او يتفكرفی خلقة الخفاش او في خلقة اي حيوان او في خلقة الانسان كل هذه مخلوقات و مصنوعات الهيه فالتفكر في صنع الله يوصل السالك إلى معرفته سبحانهُ و اما في معاني الأعمال والأحوال فهي تسهل سلوك طريق الحقيقة اذا العبد السالك تفكر في أعمالهِ واحوالهِ هل هي مطابقة لله سبحانهُ ولما أمره به فشيئاً فشيئاً تتغير احواله وبواسطة هذه المراقبات وهذه المحاسبات وهذه التفكرات شيئاً فشيئاً العبد يتغير من حالة جحود الي حالة ايمان و يتغير من حالة الفسق الي الصلاح و هكذا تتغير كل أعماله واحواله كل حياته تتغير الان انت اذا اردت ان تقارن وتقايس بين المؤمنين في حياتهم في هذه الدنيا وبين الكفار الجاحدين لله حياة كيف يعیشون في هذه الدنيا ترى أن  حياة  الكفار حياة مليئة بالفسق و الفجور والمخالفات الإلهية وحياتهم حياة حيوانية ليست هي حياة المطلوبة اما حياة المؤمن بالله الموحد فترى يعيش عيشاً صالحاً هنيئاً مرئياً أمناً مطمئناً فالمقايسه و المقارنة بين الحياتين الإنسان يتعرف على كثير من الأمور أذن لابد من هذه التفكرات التي ذكرها الخواجه في هذا المنزل……نسأل الله أن يوفقنا لمثل هذه التفكرات التوحيدية الالهيه ويجعلنا من عباده المخلصين والحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد وآله الطاهرين.

جدول المحتويات